قبل الغوص في حروفي وبمناسبة نهاية الموسم الرياضي لهذا العام ، أحب أن أبارك لجماهير ومحبي النادي الأهلي بطولة النخبة الآسيوية، ولجماهير ومحبي نادي الإتحاد بطولة دوري روشن السعودي. … أما بعد :
تشكل كرة القدم ظاهرة قديمة تستمد شرعيتها من شرف التنافس الذي قد يصل الى التصادم، وربما تكون ملتهبة لتشمل التعصب الذي يؤدي إلى التنفيس الغير محمود بين جماهير الفرق المتنافسة.
المدرب ما زال هو الشماعة التي ترمى عليه التهم في الخروج المر عند الهزيمة و عدم تحقيق الكأس الثمينة .. طرده أقصر الطرق ولكن قيمة فسخ العقد الجزائي تجعله يرضى بالقسمة والنصيب الوفير للمغادرة.
كل الفرق المتنافسة تجتهد لجلب الحظ السعيد وأحياناً بالدفع الرباعي!، ويبقى القاضي حكم المباراة مع صافرته المصيبة والمخطئة هي الفاصلة بين حيل التظاهر والتمثيل ودرجة التهور وقانونية لون الكرت المعطى .. يحمل في معصم يده الساعة ومن يستطيع أن يسابق ساعة الحكم؟ .. ساعة لا يطالها التعطل أو توقيت متأخر أو متقدم .. قد تفلت المباراة من يده ومن رايات مساعديه.. ويكفي أنه الوحيد في المباراة الذي يحاسب بخفية وقد يسرح من وظيفته، ولكن لا تفقد المباراة نتيجتها الثابتة مهما كانت الإحتجاجات.
لا تكتمل لعبة كرة القدم بدون المعلقين صناع الثرثرة والإثارة والحشو الصوتي في مفرداتهم المخلوطة بالتنجيم قبلها عن نتيجة المباراة .. في بعض الأحيان يطلب منه أن يكون هو المتحدث الرسمي لترويض الجمهور من خلال التبرير لتقبل الهزيمة، خاصة عندما يكون الحديث عن المنتخب الوطني.
الجماهير هي المحركة لكل هذه الدوافع من حيث تجديد الحماس في نفوس اللاعبين وترجمتها الى أهداف، وتجسيد عرض (التيفو)، وترديد النشيد الخاص بالنادي و الوطني في حال مباريات المنتخب.
ويظل إتحاد الفيفا الدولي لكرة القدم هو المتنفذ في كل قوانيين وأصول اللعبة، فهو دولة بحد ذاته وصلاحيته أقوى من صلاحية إتحاد الكرة المحلي، وكل شعوب الأرض بشيبها وشبابها من الرجال والنساء والأطفال تأتمر بأمره وهو من يوافق على أي دولة تنظم كأس العالم بالانفراد أو المشاركة .. وهو الدولة التي اتفقت كل شعوب الارض على قوانينها وينصاع لهذا الاتحاد فيما يقرر .. الفيفا تتحكم بهذا الخليط من كبار وصغار وعلى مختلف دياناتهم وثقافاتهم وطبقاتهم في تماهي إنساني ينسون فيها اختلافاتهم وحتى مآسيهم .. إنها الكرة الساحرة وعلى المستطيل الأخضر وخارجه ينثر الجميع إبهاراً مشوقاً يعيشونه لحظة بلحظة وينتهي بالفوز الثمين أو الخسارة المريرة.
رغم الفقر والجوع والحروب، استولت كرة القدم على القلوب ودغدغت العواطف فأصبح للمتابع ناديه المفضل عالمياً وليس داخليا فقط، والمنتخب يعنى الوطنية ومن لا يفهم في (الكورة) يقول: أنا أشجع المنتخب.
كرة القدم فيها لمسة مؤثرة من السياسة والفن والجهد، وفيها من المحبة والعشق رسول محبة ومن الخصام طائر سلام يوحد العالم .. هي إقتصاد واستثمار تعبر الدنيا من مشارقه الى مغاربة بدون حواجز أو حدود.
من جماليات الرياضة وخصوصاً كرة القدم هو المتعة والإثارة المصحوبة بالتحلي بالروح الرياضية بين منسوبيها ومتابعينها … أنها معشوقة الملايين بل البلايين بجنونها المنقطع النظير.