مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / شهادتي … بعد التقاعد

شهادتي … بعد التقاعد

في هذا الصباح الباكر و مع رشات من مطر بداية الشتاء في مدينتي العزيزة الجبيل، و مع كأس من قهوة الصباح التي بدأت أستمتع بها بهدؤ و بمزاج فريد بعد أن كنت قبل تقاعدي أترك نصف الكوب أو حتى كاملاً مقابل ما تتطلبه ظروف العمل المبكرة. ومع إستمتاعي و في إسترخاء جالت عيناي في مكتبة في زاوية غرفة الاستقبال في منزلي و التي تضم إضافة الى بعض الكتب عدد من الشهادات العلمية و التقديرية التي نلتها طوال حياتي الدراسية و العملية. و بدون موعد دخلت في لحظة تفكير عميق و سؤال عن أي ورقة من هذه الأوراق التي تحمل في طياتها أمكنة متعددة، و أزمان متغيرة و مهام مختلفة، ممكن أن أقر الآن بعد تقاعدي أنها هي سبباً بعد الله في ما أنا عليه الآن.

لم أجد بين هذه الشهادات ما يقنعني فلكل منها وقتها و في كل منها كان رزقها المحدود، و تذكرت ملفاً أعطي لي من والدي رحمه الله بعد تخرجي من الثانوية حاوياً كل شهادات مراحلي الدراسية من الأول إبتدائى الى الثانوية العامة، مثلي مثل بقية إخوتي حفظهم الله، و كان رحمه الله حافظاً ممتازاً لكل ما يخص حياتنامن مستندات.

إيقنت حينها أنني وجدت ما أريد .. ماهي الشهادة التي غيرت حياتي و جعلتني أنطق و أكتب و أحسب و أتعلم ديني و أبني عقيدتي؟. .. كانت بالفعل هي شهادة الأول إبتدائي التي حصلت عليها عام ١٣٨٤ هـ من المدرسة الخالدية بالرياض ، فعندما تمعنتها قرأت فيها فطرتي و بدايات عقلي و فهمي و من أنا … و لا يستطيع أحدا تحليلها سواي لأن لا أحد عاش معي العمر كله.

كانت المدرسة الخالدية الواقعة في حي المرقب تحضى بصيت و سمعة عالية لوجود شخصية تربوية مشهورة أنذاك و تلقى إحترام الجميع من طلاب و أولياء أمور و هو الأستاذ سعد الدلقان مدير المدرسة رحمه الله و غفر له. تخرج من المدرسة عدد من وجوه المجتمع في الرياض و يقيم حاليا طلاب المدرسة تجمعا سنويا للتواصل و الإلتقاء.

من أبرز من أثر في شخصيتي و توجهاتي و حبي للعلم و للثقافة في مثل هذه السنين من الصف الأول الى الصف السادس الإبتدائي هو مدرسنا و معلمنا القدير الخلوق الأستاذ عبد العزيز الخراشي و الذي حصلت على لقاء معه في جريدة الشرق الأوسط عام ٢٠٠٥ ، أتمنى له طيب الدعاء في الدنيا و الأخرة.

ما كتبت هو شعوري كإنسان في مثل هذا السن و في حالة التقاعد و بعد أن أبليت في دنياي بالذي قدرني الله به .. و لا يعني ماطرحت هو دعوة للراحة و الكسل .. فعلى كبار السن أن يأخذوها بعِلّاتها .. و الشباب تكون لهم النصيحة بأن من يتعب و يجتهد سوف يرتاح يوماً بثمن جميل … و من كسل و أراد راحةً مبكرة فلها ثمنها وتكون رخيصة .. وقد تكون أيضاً أليمة.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …