تنهال على جوالي مع إشراقة كل يوم رسائل صباحية من أحبة وأصدقاء، أقدر لهم حبهم وعشقهم للصباحيات، إنهم حفظهم الله من محبي شروق الشمس ومايتبعه في السويعات التالية والتي تمنح الأمل والسعادة ليوم جميل يتمنونه لكل محب.
في الرياض وفي أوائل السبعينات، كان الصباح عندي إذاعي من خلال بث صوت المذياع .. أسرح فيه بإغنيات الصباح التي لا تزال في ذاكرتي في بث وجداني.
كنت أستيقظ كعادتي متحمساً لصباح فيه بهجة، أحس فيه أن نسائم النيل تهب في غرفتي من خلال صوت المطربة الراحلة شادية ( قولو لعين الشمس ماتحماشي )، أترك الغرفة وأخطو خطواتي الهادئة على رصيف شارع المرقب، أستمع من بعيد لصوت مذياع صاحب البقالة الصغيرة” أبو ابراهيم الحضرمي ” رحمه الله وهو يتمايل برأسه على صوت الراحل عبد الحليم حافظ ( على حسب وداد قلبي ).
يختلف المشوار والإتجاه يوماً بعد يوم بين ” فول بادحدح ” في حلة القصمان حيث الصمت فلا تسمع صوت المذياع، وبين حلة الأحرار التي فيها كل الأصوات وكل ما لذ وطاب من الأكل الصباحي في محلات متلاصقة حيث كبدة الحاشي البلدي وأفران التميس والبسكوت البخاري والفول الحجازي والمعصوب الطائفي.
في أيام كثيرة أتوجه ” بوفيه الوفاء ” في شارع طارق بن زياد القريب من بيتنا القديم لتناول فطوري المتأخر من سندويتش البيض المقلي والجبنة السائلة وقارورة الببسي الطويلة المفضلة .. هناك على الكرسي المتعدد مقاسات أرجله والطاولة المتهالكة، أقضي صباحي والشيف عبده اليماني رحمه الله يداعب شريط مسجل الكاسيت بصوت الراحل أيوب طارش ” طير مالك والبكاء ” .. أحياناً يدخل العم ” أبو صالح ” رحمه الله ليأخذ فطوراً لعمال البناء في بيته فيغلق ” عبده ” المسجل .. وبمجرد خروج العم يقلب ” عبده ” الشريط فينطلق صوت عذب يماني :
فيوز القلب محروقه ..
في جسمي ضربني ماس ..
أغادر بعد الماس وأختم صباحي بالعودة الى البيت.
ساعتان صباحيتان كانتا كفيلة برفع هرمون السيروتونين وهرمون الأدرينالين بنسب متساوية لتكون كافية لتبعث لي بنشوة السعادة وإستمرار الإبتسامة والنشاط الذهني حتى الليل المتأخر حين تكون أم كلثوم قد بدأت حفلتها.
كنت أقول لنفسي: أجمل الساعات الصباح .. وأنفع الطعام الصباح .. وأسعد الناس من تراهم في الصباح ..
والآن أقول: يسعدني من يصبح علي بالخير برسالة رقيقة فجزاه الله خيراً وشكراً على الوصال رغم تقصيري في الرد.