تمثل الهجرة النبوية لصفوة البشر نبينا محمد بن عبد الله عليه أفضل الصلاة والتسليم نبراساً نستذكره كل عام، هو فصل مهم من فصول السيرة المضيئة لهذا الرسول المصطفى من خالق السموات والأرض.
أذن الرسول لأصحابه بالهجرة الى يثرب، غادروا أرض مكة مرغمين متسللين هاربين من بطش زعماء قريش، وفي يثرب رحب بهم الأنصار وفتحوا بيوتهم ونصروهم.
بعد أن أدى الأمانات لأهلها، إنتظر الرسول الموحى اليه في مكة ليأذن الله له في الهجرة، إتفقت قريش والقبائل على قتله، عند بابه جعل الله بينه وبينهم وخلفهم سداً وغشاوة فلم يبصروا، قصدوا الفراش وإذا بإبن عمه علي بن أبي طالب عليه السلام نائماً عليه مفتدياً أحب الناس، فشلت مؤامرتهم ولم يشاهدوا خروج ( محمد بن عبد الله )، نثر تراباً على رؤسهم أعمى بصائرهم وقال لقوم ذي قرباء لم يناصروه : شاهت الوجوه.
قضى سيد البشر وصاحبه أبو بكر الصديق في غار ثور ثلاث ليال تحيط بهم عناية الله من مكر أهله في قريش، وصلوا باب الغار ثم نكسوا في غير إحساس، قال الرسول لصاحبه: “ أبا بكر ما ظنك بإثنين الله ثالثهما “.
في الطريق الى يثرب مر الرسول المهاجر وصاحبه بخيمة سيدة تدعى عتاكة ( أم معبد ) وكان لها منه كرم وصدق البيان والخير الكثير، عندما سألها زوجها عند عودته عن محمد بعد رحيله قالت أم معبد:
( رأيت رجلاً ظاهر الوضاءة، حلو المنطق، فصل لا نزر ولا هذر، كأن منطقه خرزات نظم يتحدرن ).
في يثرب، كان الأنصار ينتظرون النبي أياماً، ثم أتت بشرى قدومه، لقيه الجمع العظيم في يوم غطى عن شمسه الحارة أبو بكر الصاحب ببردته رأس الرسول، شعت أنوار الهدى جسد الرسول بكسوة الزبير البيضاء، أسس المسجد بالتقوى وصلى حيث بركت راحلته وفي جنابيه قال الرسول الكريم و النبي المبين: ( هذا إن شاء الله المنزل ).
خمسة عشر يوماً هي طول رحلة الهجرة من خروج الرسول والنبي محمد صلى الله عليه وسلم من باب منزله بمكة الى موقع منزله بيثرب، رحلة أوقدت بعدها إشعاعاً في العالم إسمه الإسلام، إنطلق من يثرب ليصل كل العالم.
قبل ١٤٤٢ سنة كانت الرسالة المحمدية خاتمة للرسائل السماوية، مازالت باقية وستبقى بإذن الله حتى يوم الدين، رسالة عامة لجميع الناس ولم تختص بأقوام معينة، رسالة سهلة المعاني وواضحة المنهج، كتابها القرآن المنزل من الله، وشعارها التوحيد لله لا شريك له، والإيمان بمحمد خاتم الأنبياء.
من لايرى في هذه الهجرة هدياً ونوراً بقي طول الدهور فهو مكابر وضد الحق .. من يستذكر هذه المناسبة المهمة ويشكر الله على نعمة الإسلام فهو محب لنبيه محمد ومن أحب محمد فقد أحبه الله.
كل عام والإسلام وأهل الإسلام بخير.