في السبعينات الميلادية كان المبتعثون السعوديون في امريكا يطلقون بشكل واسع على رجل الشرطة لقب “ عباس “ ، خلفية هذه الكنية أن مبتعثاً خالف قواعد المرور على طريق سريع فأوقفه رجل الشرطة على حافة الطريق وذهب إلى سيارة المبتعث الجالس في سيارته حسب القانون هناك، عرف الرجل أن المبتعث عربياً فقال له : لماذا هذه السرعة؟ فذهل المخالف من لهجته العربية، أردف الشرطي بقوله: ألا تعرف من أنا؟ .. أنا عباس ، انتهى هذا الموقف بود وبدون تحرير مخالفة وانتقل خبر هذه الواقعة بين المبتعثين آنذاك، أصبح مسمى “ عباس “ على رجل الشرطة شائعاً بين جميع المبتعثين لكل موقف يحدث لأحدهم مع رجال الشرطة.
تذكرت أَيضاً في سياق الأحداث المؤسفة حالياً في امريكا الملاكم الأشهر محمد علي كلاي رحمة الله عليه، لو وجد في هذا المشهد رمزاً مثله لما وجدنا تلك المناظر المؤلمة من قساوة أناس على أناس، اختلف بسبب العرق واللون الشعب الذي أتى أجدادهم في مراكب سلكت نفس الطريق إلى أراض أبادوا شعبها الأصلي لكن النفوس لم تتوحد، هي سنن يقضي الله بها بمشيئته من أزمنة ظلم فيها أناس.
من المتناقضات في حياة الأمريكيين وحياة محمد علي كلاي خاصة، في يوم سرقت دراجة كلاي وهو صَبي فشكا أمره إلى رجل الشرطة جوزيف مارتن الذي كان أَيضاً مدرباً للملاكمة، سأل مارتن كلاي قائلاً : ألا ترغب في تعلم الملاكمة يا ابني؟، هتف الفتى : نعم سأتعلم كي أضرب اللص الذي سرق دراجتي، درب الشرطي كلاي وراهن عليه ونجح محمد علي كلاي ليصبح لاحقاً ملاكم القرن ونصيراً مجاهداً لحرية شعبه ذي الأصول الافريقية.
هذب الإسلام روح محمد علي كلاي، شعر بهذه النزعة السماوية الصادقة، يقول كلاي بعد الإسلام : “ الإسلام بدل عقلياتنا، بدل شعورنا، بدل طباعنا، شحذ ذكاءنا، صيرنا أنقى وأتقى،غدونا مدركين متفهمين لطبيعة البشر “ .
مع ذلك فإن هناك كثير من الألم في حياة الأمريكيين من أصول افريقيه، قال عبد الرحمن الأخ الأصغر لمحمد كلاي معبراً عن مشاعر السود في أمريكا في الستينات الميلادية : “ مشكلات السود في امريكا تختلف عن مشكلاتهم في الأقطار العربية، ينبغي أن نحرر شعبنا من أساتذة العبودية الذهنية، ونضمن لأنفسنا الحرية متى آمنا. لسنا زنوجاً.. نحن من افريقيا، “ الزنجي “ كلمة استعملوها تعريفاً لنا وتفريقاً عن إخوتنا في سائر أنحاء العالم. استعبدونا واستعبدوا الهنود، ساهمنا في بناء امريكا، نقول لهم أعطونا شيئاً .. لماذا لا يعطون ويضنون؟ .. نحن عملنا ٤٠٠ عام ، ولكنهم لم ينصفونا، هم خائفون الآن .. النظام برمته خائف .. لن نصمت أو نتقهقر فالحق واضح كالنهار .. نحن شعب مسالم .. الله معنا .. هو حامينا وناصرنا .. كنت أظن أننا في مجتمع واحد، وكان ظناً خاطئاً، فالحيوان لا يندمج بحيوان غريب، والطير لا يطير إلا مع طير من نوعه! .. أليس هذا كذلك؟ “.
بعد خمسون عاماً عاد الأمريكيون من أصول افريقية إلى المشهد عند انتخاب باراك اوباما كأول رئيس اسود للولايات المتحدة الأمريكية، دافع الكثير وانتشر الفخر لكن حسين اوباما لم يكن في مثل دفاع وكفاح ( مالكولم أكس ) وتضحياته، ولم يصل إلى شجاعة وفخر ( محمد علي كلاي )، كان اوباما مغروراً فقط لأنه خريج جامعة هارفارد، لم يظهر شجاعة ولا تصحيحاً لأوضاع من ينتمي إليهم، كان دمية حبالها في أيدي النائم جو بادين والجبان جون كيري، مكث ثماني سنين حصلت أحداث مؤلمة وجرائم انتهكت خلالها وبشكل صارخ حقوق السود في امريكا ولم يحرك ساكناً، تحكم الحزب الديموقراطي بالضعيف اوباما ونفذ سياسات زعماءه العنصرية وأوكل العهدة الى نانسي بيلوسي رئيسة مجلس النواب الأمريكي المتنفذة واللاهية في التنازعات.
ما يدور الآن من أحداث سببها أن الأمل قد أصبح سراباً لدى السود في امريكا فمن المحتمل أن الفرصة لن تعود لأن اوباما خان بلده وشعبه، انكشف اوباما بعد ان بان تهالك أمريكا بعده، خلال الثماني سنوات قام بسذاجة بتجفيف مواطن النهضة في أمريكا من قوة عسكرية وتجارية واجتماعية، استطاع الثقب الأسود الصيني أن يشفط ويمتص صناعة وتجارة ودولارات امريكا إلى بؤرة اسمها ( أوهان ) ، استطاع ( بوتين ) في روسيا أن يصيب امريكا بهستيريا روسية تبحث فيه امريكا عن عدو قديم بينما العدو الاكبر هو داخل امريكا.
لو صحا محمد علي كلاي من قبره لكان أول لكمة يوجهها ستكون من نصيب وجه اوباما.
نسأل الله السلامة لكل شعوب الأرض.