اليوم هو عيد الفطر لعام ١٤٤١هـ ، عيد لم يمر بنا مثله في سنوات عمرنا لمن هم من جيلي، هو عيد يجب أن نفرح به مهما كانت الظروف لأنه فرحة المسلم المؤمن بعد صيام وقيام وتمام الشهر الفضيل رمضان، لكنه عيد فيه سمعنا صوت التكبيرات من المساجد ولم نستطيع الذهاب، خطواتنا الى الأقارب والجيران مرصودة وبالأحرى ممنوعة لدواعي السلامة من الوباء، التصافح والإحتضان متوقف حتى اشعار آخر وربما طويلاً.
وحتى رمضان كان مختلفاً ولكن الروحانية فيه كانت مميزة هذا العام، جمال رمضان هذه السنة أن العبادات وتناول الإفطار والسحور كان على مدى ثلاثين يوماً هو مع العائلة الواحدة في البيت الواحد.
يصدق في هذا العيد قول المتنبي ” عيد بأية حال عدت ياعيد” .. فرحة العيد في هذا الوقت عاطفته أكبر من ذي قبل بسبب التباعد مع من نحب، في نفس الوقت ذهبت رتابة المشاعر التي تعودنا عليها من لبس الثياب الجديدة وتقديم الحلوى وسلام التصافح والقبل، لأول مرة نحب أكثر بقلوبنا ونسأل بصدق عن من غاب عنا بالجسد، كان فراقاً ليس بإختيارنا لكننا تعلمنا حباً ووداً من نوع آخر.
هذه التجربة ستحسن من تواصلنا بصدق بعيداً عن المجاملات، ستتجدد أو بالأحرى ستغير هذه الايام ماكنا نمارسه وإعتدنا عليه في علاقاتنا الإنسانية، ربما نسأل أنفسنا بشفافية هل كانت المصافحة والأحضان والقبل ستاراً نحجب بها سلوكاً ورأياً داخلنا لا نريد البوح به؟
من جمال العيد أن نعيد حساباتنا مع أنفسنا ومع من نتعايش معهم، ولذلك العيد يعود إن عشنا الى وقته لكي ننظر الى علاقاتنا مع الناس وفوق ذلك مع أنفسنا تجاه الآخرين، في قادم الأيام ستصبح العيون والابتسامة مفتاح التعارف ومعرفة مايدور في قلب من نقابله ومثلها عيوننا وإبتساماتنا، سنتعلم لغة جديدة غير التلامس لنفهم مشاعر بعضنا البعض، ستكون هذه اللغة مفتاح للمحبة والتسامح بدون سلوكيات كانت فيما مضى قد تعطينا الآمان النفسي المزيف لبعضنا.
السلام بيننا هو سلام القلب وليس اليد، فسلام اليد والمصافحة خانه الساسة المارقون فجعلوه رخيصاً، والأحضان والقبل خانته مسلسلات التلفاز فجعلته سلعة لا محبة، وخير السلام هو ما أوصى به نبينا صلى الله عليه وسلم : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
عن عِمران بن حصين رضي الله عنهما قَالَ: جاءَ رجُلٌ إِلَى النَّبيِّ ﷺ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيكُم، فَرَدَّ عَلَيْهِ، ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ النبيُّ ﷺ: عَشْرٌ، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحْمَةُ اللهِ، فَرَدَّ عليهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: عِشْرون، ثُمَّ جَاءَ آخَرُ فَقَالَ: السَّلامُ عَلَيكُم وَرَحْمَةُ الله وَبَرَكَاتُه، فَرَدَّ عليهِ، فَجَلَسَ، فَقَالَ: ثَلاثُونَ رواه أَبُو داود، والترمذي وقال: حديث حسن.
وفي هذا الحديث الدلالة على أنَّ السلام إذا كان بجملةٍ فهو بعشر حسنات؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، وإذا كان بجملتين فعشرون، وإن كان بثلاثٍ فثلاثون.
كل عام وأنتم بخير .. والمقال سلام .. ” السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة .. وكل عيد وأنتم بخير.