عندما نطري محب لنا تميز بكلام جميل أو هندام أنيق أو فعل حميد, نقول له : ” كلك ذوق “، هذا المسمى ” الذوق ” هو تصرف مرتبط بالقيم المحببة التي يحملها كل من القائل و المتلقي. هذا في الشأن الشخصي لكن ماذا عن الذوق العام.
الذوق العام هو مراعاة القيم العالية للمجتمع, هي متوارثة و تعتمد على القيم الدينية و المورث السائد الاجتماعي الذي يميزه عن أي مجتمع آخر، و الفرد ملزم بها على مرأى من عامة الناس و إن جاهر فهذا خلاف للمعروف.
في زمن قريب مضى كان الرجال في أوروبا يلبسون البدلة الكاملة بربطة العنق و قبعة الرأس، في امريكا كان لباس المستعمرين الفخم دارجاً ثم قبعة الكاوبوي المحنية و في شوارعنا كانت الطاقية و الغترة و العقال و الثوب تعطي لوناً طاغياً موحداً . كذلك في كل شعوب الأرض، كانت الحشمة سمة و سائدة.
لكن ماذا عن مفهوم الذوق العام المعاصر بعد أن تعولمت المجتمعات و تشابهت طرق الحياة و أصبحت رغبة الناس في كل ما هو جديد و غريب و وصلت الى موضة ما يسمى بملابس الأسعار الرخيصة.
تعدد أذواق الأجيال هو حتمية في دورة الحياة، تعاقب السنين و مواكبتها لتطورات حياة الفرد في هندامه و في سلوكه دائماً ما يكون صعب السيطرة عليها، فما من حياة لإنسان الا و مر بمراحل يخالف فيه الذوق السائد، مثلاً الكبير في السن الآن مر بفترات من زمانه واكب موضة سادت ثم بادت ثم عادت في كبره فعابها، و التطور عادة مفتوح القيم قد يكون حميداً فيتبع و عيباً فينتقد لكنه مقبول من البعض حسب فئات السن.
الذوق العام مرتبط بحرية الفرد طالما أنها لا تتعدى الى حرية الآخر، الملبس في الكيف الذي يرتدى و ليس الكم الذي يبغض، و الكلام في حسنه وليس فيما زاد فحشه و قل أدبه.
رأي في فرض الذوق العام من ناحية الملبس أنه محير و مربك في التطبيق خاصة في الأماكن العامة المفتوحة و أنه مقبول و ملزم في المباني المغلقة مع فرض تسجيل نقاط مرتبطة بغرامات متدرجة ، أما الإزدراء في الكلام عموماً فهذا لا نقاش فيه فهو جرم تعاقب عليه الشرائع و القوانين كلها و ليس فقط قانون الذوق العام.
أتمنى أن نكون حضاريين و متفهمين لمشاعر الناس في لباسنا و كلامنا و أن تصبح مقولة ” لو سمحت .. خليك ذوق ” نصيحة مؤدبة لمن لا يلتزم و مقولة ” كلك ذوق ” شكراً لمن يكون ملتزماً.
و الله من وراء القصد.