بداء الأستاذ و الأخ العزيز أحمد المشهور بإخراج بعض الصور التي إلتقطها في السبعينات الميلادية بكل أريحية تفاجأ ناظريها بشخوص تلك المرحلة أثناء تواجدهم في الرياض لأسباب مختلفة .. و قد شدتني هذه الصور لتذكر الرجال الكرام و الذين عرفتهم لأول مرة في مدينة الرياض حيث عشت طفولتي و شبابي .. في هذه الصورة تجلت صورة الشيخ الأنيق و العم و الوالد الكريم مشهور بن سعيد رحمه الله و أسكنه فسيح جناته و الذي تعرفت عليه أثناء زيارته لأبنائه الكرام الأخ الكبير عبد الله بن مشهور و الذي يشبه والده تماماً و معظم الأحيان أتمعن في الصور لكي أعرف الفرق و لا يسعفني غير تغير الزمن لمعرفة أحدهما .. و كان عبد الله أحد القوى الإجتماعية في مجتمع الرياض الحوالي و استمر في عموديته بعد خروجه من الرياض الى حوالة و استقراره فيها و هو من أعيان قبيلة حوالة و من الرجال الذين يشار اليهم بالبنان لمعرفته بكثير من الأمور التاريخية و له مواقف عديدة تنم عن حكمته و صلابة في الرأي تخدم المصلحة العامة و ببعد نظر لا يجيده الا القليل. وصل العم “ ابو عبد الله “ الى الرياض أيضاً للإطمئنان على ولده و أخي أحمد بن مشهور و الذي مر في تلك الأيام بأزمة صحية عابرة تمكن من تجاوزها بفضل الله ثم بقوة صبره و إيمانه أمده الله بالصحة و العافية.
إضافة الى صلة الرحم العميقة و المباشرة و العلاقة القوية بين والدي و العم مشهور رحمهما الله و غفر لهما .. و التي تبينت ملامحها و قوتها عند زيارتي الأولى الى حوالة في عام ١٩٧٥م .. كان بيت المشهور في قرية الشرف هي أول محطة و مقام و سكن لي و كان أبو عبد الله رحمه الله نعم القريب و الوالد .. وجدت نعمة الضيافة و حسن اللقاء في ذلك البيت القديم و برفقة إخوتي عبد الله و أحمد بن مشهور من كانوا لي وداً في الرياض كان ودهم و عطفهم أكبر في تلك الديار.
الصورة الأولى هي من عام ١٩٧٤م في رحلة الى مدينة الخرج مع مجموعة من رجالات حوالة و ضيوفهم الشيوخ الأفاضل مشهور بن سعيد و سعيد بن فيصل رحمهما الله و غفر لهما و هما يتوسطان جمع ذلك اليوم .. في هذا الجمع المبارك لي مع كل واحد منهم ذكريات و مواقف محببة و إجتماعات مؤنسة .. فمنهم الأخ العزيز محمد بن صالح الغانم الرجل البسيط المتزن في حياته و في صحبته. و الأخ علي بن حامد بن بروحين و الذي يفرض احترامه بهدؤه و حسن منطقه و كلامه المقنن، و العزيز سعيد بن عبد الله بن بوصي الرجل التقليدي الذي لا يتخلى عن طبيعته الجنوبية الحوالية الجميلة أينما حل و لم تغيره الأزمان من بساطته و من روحه العذبة .. في الصورة أيضا الأستاذ و الزميل القديم شرقان بن عبد الله بن بوصي مصافحاً الأستاذ سالم بن زهيد و الذي يعد من أكثر شباب حوالة طموحاً و قدرة على التكيف مع كل الأحوال و يرضي من لازمه بإبتساماته الراقية التي تطمئن لها القلوب .. أما الشاب الطموح عوضة بن حامد بن بروحين فهو رفيق كل الأجيال و لطافته و لباقته العفوية يغطي بها أجواء اللقاءات حيث ما كانت.
أما الصورة الثانية و في نفس المناسبة في الخرج .. هي للعم مشهور بن سعيد رحمه الله مع الصديق و الرحيم شرقان بن عبد الله بن بوصي و الذي لي معه ذكريات لا تنسى من مشواير و من أوقات سعيدة تجملت بها شوارع و أحياء و أسواق الرياض القديمة و كان أهمها صحبتي له في أول رحلة طويلة لي بالسيارة في السبعينات الى ديار حوالة و كان قائدنا الأخ أحمد بن مشهور و رفقة الكريم سالم ين زهيد و المعلم و الأديب القدير علي بن حامد آل هتران .. كان “أبو وليد “ من أوائل الناس في حياتي الذين تعلمت منهم مزج الصداقة مع القرابة و ذكريات إبتهاج التعارف و بداية معرفة الحياة في سنين المراهقة و الشباب .. و أزداد بريقها بصلة رحم أفتخر و أعتز بها.
هذه حروف حاولت أن أستذكر بها ما أستطيع من ذكريات تلك الأيام الجميلة .. و لعل الصور تشرح نفسها و لو بشئ قليل .. هناك أعزاء من المجتمع الحوالي من لديهم سيرة و صور لكثير من تفاصيل الزمن الجميل .. و لعل ما تسرب من الأخ أحمد المشهور حفظه الله من صور رائعة قد يكون بداية لنفض الغبار عن القديم و الجميل من صور قديمة مميزة .. الهدف هو إظهارها لأجيال المجتمع الحوالي فتزداد الصلة الحميمة من خلال تذكر و معرفة الأجداد و الأباء رحمة الله عليهم و غفرانه و أسكن نزلهم في جنات النعيم .. و أن يحفظ من بقي و أن يحسن خاتمتهم و خاتمتنا جميعاً .. إنه غفور رحيم.