مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / وقفة عزاء .. الفقيد : علي بن زارع رحمه الله

وقفة عزاء .. الفقيد : علي بن زارع رحمه الله

رغم إحتفاظي و إطلاعي على عدد من الصور الحوالية سواء القديمة أو الحديثة ، لم تشدني صورة و تستفيق فيني الذكريات إلا هذه الصورة الجماعية في مناسبة رياضية في فترة السبعينات الميلادية لنخبة من شباب ديار حوالة ، صورة فيها وجوه كثيرة و منظمة ، صورة تحاكي جيلاً كاملاً بصفين كفريق واحد و بتفاصيل الوجوه الواضحة و أبدان الشباب المتخايلة.

أحب أن أبدي تقديري و إحترامي الكامل ، و الأكيد تقدير من هم في هذه الصورة لمن قام بإلتقاطها لأنه بالفعل سجل لحظة تاريخية و بلقطة جامعة فريدة لو قدر لها الأحصاء لكانت الأكثر إحتفاظاً و تداولاً و مرجعاً أشبة بدليل الهاتف في وسط المجتمع الحوالي و لكن بالوجوه و صلة القرابة.

من ينظر الى هذه الصورة يراها بمن يعرفه فيها جيداً أو قريباً جداً له ، و بالتأكيد أن من يراها أيضاً هم الأبناء و الأحفاد. ما بعد الصورة قصص جميلة و مفرحة و قصص أخرى مؤلمة و حزينة ، و حيناً قد نراها بأنها كرقعة شطرنح تختفي أحجارها تدرجاً بعد كل فترة و حركة و نحسب من بقي و من ذهب من الحياة و ليس من الصورة.

و يبقى إيمان الإنسان بقضاء الله و قدره أرقى درجات العبادة الآنية له سبحانه و الخضوع لما كتب و ما شاء، فهي حكمة الله في تقلب الأحوال ، فالأحزان طرق تخترق حياتنا و تمتزج فيها مع الوقت الدمعة مع البسمة و تضاء دروب خير لنا لم نحسب حسابها، فيكون لها حلاوة في روحنا و إتساع في رزقنا ، لكنها لن تعطل قضية الأقدار و الحياة و الموت فهذه ليست بأيدينا إلا ما أهلكنا به أنفسنا والله خبير عليم.

إستذكرتني هذه الصورة بعد سماعي لنباء وفاة أخينا علي بن عبد الله بن زارع رحمه الله و غفر له بزمن قديم لم تكن فيه آلة التصوير مستحسنة إجتماعياً فلم أجد غير هذه الصورة الجماعية و صورة مع أخي و شقيقي مساعد رحمه الله التي يبدو فيها فقيدنا علي بذلك الوجه الجنوبي السمح الذي طالما عرفته هادئاً و ترى منه إبتسامة سريعة بعد كل جملة تتذكرها في خيالك في حين ذكراه.

كان رحمه الله تقليدياً في حياته، يهوى البساطة و السفر و حياة الرعاة و الجبل و المطر ، و عاش الحياة بتفاصيلها من جدة القديمة الى أعالي و سفوح أثرب و سهول و منازل تهامة. أصابه المرض و أنهك جسده و لكنه لم ينهك عزيمته و إلتزاماته نحو واجباته تجاه أسرته و عشيرته و جماعته ، و في حاله و بإيمانه و بصبره ربما أنه أنهك المرض و لم يعجل بقدره سوى يومه الموعود.

رحم الله “ أبا عبد الله “ و العزاء لنا و فينا جميعاً لفقدانه و ندعو الله سبحانه أن يسبغ عليه من رحمته و يسكنه فسيح جناته و أن يعوض الخير و الصلاح في أبنائه و أهله و أن يعين “ عبد الله “ على دور جديد في حياته هو و أخوته، يكمل مشواراً تعاقبه آباءه و أجداده و وصلت إليه و هي أمانة و إلتزام بصلة الرحم و تماسك الأسرة في كل الظروف.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …