رغم تكرار زيارتي الى مدينة الرياض التي عشت فيها صباي و أخترت في كِبَري المنطقة الشرقية بمدنها أن تكون مرتعاً لرحلة من رحلات عمري، إلا أن زيارتي البارحة ولسويعات الى الرياض كانت الأبرز و الأكثر شاعرية مما سبقها من زيارات، فقد لاحت لي وجوه عرفتها و عرفتني ببسماتها و بلمحات عيونها ، لم يستطع الشيب ولا تضاريس الوجوه أن تُنْسَي شيئاً من ذكريات زمن مضى بحلوها و مرها، و لا أن تتناسى لتكبح جماح عبرات قد تكون حسرة على عمر تقادم و جسد تهاوى.
في الأحزان يولد الحب كبيراً و يقزم الحقد و الحسد، و في المصائب تٌحْكَم العقول الراجحة بالصبر و الإيمان و تٌستَلهم القلوب بذكر الله ليكون لها عوناً … و تُستَرق الدموع خِلسةً، لكن يبقى الثبات و قوة الإرادة لتهزم ظلام الأحزان و تَعبُر فوق شدة المصاب، تستكين النفس بعدها و ترى جمال الحياة ، ففيها من كرم الله سبحانه مايعوضها و بتدبيره بأحسن حال فالحمد لله و الشكر له في كل الأحوال.
تكاتف المجتمع الحوالي خلال الأيام الماضية حول من فجعوا من أهلنا بفقدان أحباب الى دار القرار و من ألمت بهم عوارض صحية و معاناة مع مرض كانت ملفتة و مكبرة من الجميع في زمن نعتقد بأنها تلاشت أو بَليت و لكن الذي شاهدناه كان مثالاً رائعاً لحميمية الأسرة الحوالية . في لقاءتي لأداء واجبي لفت إنتباهي الجيل الشاب و أدبه المحبب و إحترامه الجميل الذي لمسته منهم، لا يختلف في طبعه و سلوكه و قد يزيد مع ما كنت أراه من صفات جليلة من أباءهم الرجال الكرام.
****************
ما أستطعت أن ألتقطه من صور معبرة و بمساعدة من أخي سعيد بن أحمد حفظه الله تسعفني لتأكيد ما قلت كمثال حي، كانت في زيارتي للإطمئنان عليه بعد إجراء العملية الجراحية و الحمد لله على سلامته هي للعم و الشيخ الكبير في محبة الناس له الوالد : صالح بن عبد الكريم حفظه الله و متعه بالصحة و العافية، و الذي تجرأت بتصويره لعلمي بأنه يعرف بيئة الإعلام ، عاش و عمل مع رموز الإعلام في المملكة في الزمن الجميل حيث أنه كان من أقدم منسوبي وزارة الإعلام سابقاً ، و ما زال “ أبو خليل” و هي شهرته يمتعك بحديثه في أحداث الزمن و أخباره بتحليل منطقي و بلغة إعلامية تراعي العصر و مفرداته.
كانت المفاجاءة و التي لم يكن معداً لها هو تجديد العهد بمن طال الزمن عن لقاءهم و كانت سعادتي بالغة بعناق أخي رجل الأعمال و “ سيد الشباب “ في زمانه الأخ الأكبر سعّيد بن رديف حفظه الله و الذي سرد علينا من نصائح التجارب و قصص الوفاء و الكفاح بأسلوب “ ابو عبد الإله “ المعهود و الذي لا يخلو من روح الإبتسامة و إبداع التشبية.
شاركنا في تلك الدقائق الطيبة القريب الحميم و الصديق الوفي و الصاحب في الفرح و المواسي الحاضر دايماً “ صالح بن أحمد بن عبد الكر يم المعروف بـ بن قزي “ ..و مع “ أبو أحمد “ لن تضام في خاطر و لن تسلم من وده ، فمن عرف الأب عرف الإبن.
كانت سويعات جميلة في الرياض… جميلة في مشاعري رغم الأحزان .. جميلة لأني عانقت و تشرفت بلقاء ات أعطتني روحاً جديدة و حباً مجدداً لديار أحببت أهلها لأنهم أهلي و أعشق فيها تراسيم تلك الوجوه ذات السحنة العربية الصِرفة .. فهي عروبتي و هي من أنا .