رجل مثل عزيز هو عزيز… لم يعرف اليأس ولا أن الرحلة توقفت… يملك نفس عميق يأخذ كل الأحزان ثم يفرغها بعزيمة لا تعرف الانتظار على رصيف الحياة… شعوره كبير بأنه يستطيع أن يسلك طرق قد تكون غير مستوية ولكنه يتحرك.
قدم إلى المنطقة الشرقية وعرفته شاباً يافعاً بعد أن رأيته أول مرة في حارة بيوت العثمان في حوالة … كطفل يتحرك بحرارة ونظرة ذكية رأيت فيها عيون وفراسة والده -حفظه الله-… وبنفس النظرة رأيتها فيه… كنت في الجبيل وهو في الظهران… ومنذ عرفته لم ينقطع بتواصله… تواصل فيه كل المثالية من تقبل النصح وطيب الواجب والاستماع بإنصات فريد… واجه الحياة بمفرده والناس بعمومهم بإبتسامه وبإحترام وعدم تعالي… كنت أحسب أني كنت عاطفياً أكثر من اللازم… اشفقت عليه بحكم سنه… لكني كنت في حكمي مخطئاً… ذلك الشاب كان كبيراً بطموحه من يومه… ساعدته روحه الكريمة أن يحب الناس ويحبونه… عطي اليد بوجه بشوش.
من التسعينات الميلادية، بدأ طالباً في الجامعة ثم مركز تدريب ارامكو حيث الرؤية تكون واضحة لمعرفة أفاق وحكم المستقبل… بعدها موظفاً في ارامكو يبحر في شواطئ وحقول الصناعة البترولية في رأس تنورة… تعرف على خير البلد من منبعه… دخل في العمق الإداري في ارامكو فعرف مهارة الإدارة في أجواء أكبر شركة في العالم.
رغم إمكانية استمراره مع ارامكو… لكن روح المغامرة تراود خاطره… خاطر بمغامرة محسوبة يعرف فيها قدراته… كان يعلم أن الدنيا فرص ومن يعرف الفشل يوماً سيعرف النجاح بعدها بالإصرار… تعلم أن الوقت ليس مقياساً ولكنه كان يملك السيطرة على عجلة ساعة زمانه… ما علمته التجارب هو أنه في القطاع الخاص يستطيع أن يسهم وتزداد معرفته وحنكته… إستطاع أن يكون في قائمة التعاقدات الهندسية… ركز على البيئة وعمل على تقديم أفكاراً فيما يختص بأعمال ارامكو… قد لا تنجح فكرة ولكن هناك فكرة أخرى قد تنجح… بفكرة صغيرة كبرت الأفكار الناجحة وكبرت معها المهنية العالية والتخصص الفني… عرف المهنة ثم عرف أسرارها… يحفظ الأرقام والمكونات المرتبطة ..ليس فقط بمجال عمله بل تعدى أن يلتصق بمؤسسات الدولة الفاعلة… تمكن من طرق أبواب الحكومة الحديثة من خلال ما تقدمه له من امتيازات وتصاريح لتنفيذ طموحاته.
مع ظهور رؤية ٢٠٣٠، كان عزيز يرى نفسه في وسط هذه الرؤية… كان إيجابياً غير منتقدًا… كان فاهمًا ماذا تعني هذه الفكرة الدسمة… هو الآن يملك الخبرة والتجربة بحكم السنين الماضية… كانت الرؤية تواكب طموحاته وأحس بأنها تنطبق مع تصوراته ورغب أن يكون من ضمن أهل المبادرات المؤهل وأن يشارك بفعالية… هناك فرصة ذهبية لجيل الشباب وهو منهم أن يبدع وأن لا يخجل أو يتوارى… تقدم الى الأمام وهو الذي يحب أن يكون في المقدمة.
يتنقل أبو عزام بين الدمام حيث أسرته وبين عمله في الرياض وجدة… ألم الغياب المتقطع عن الاسرة موجود… نجاحاته ونجاحات أسرته تسير بشكل متوازي… فالحياة حضور وغياب فلم يأسف ولم يأسفوا… لم يتذمر ولم يشتكوا… لإن مهمة النجاح تستدعي التضحية مع كثير من الحب… وإن استكان الإنسان الى حال ولم يضحي فإنه يندم متاخراً.
بين هذه السطور، قد أكون مداحاً في نظر من لا يعرفون مقاييس النجاح … أكتب هذه الحروف عن سيرة الإبن عزيز الماضية وأتمنى له مستقبلاً مشرقاً .. رجل وسيرة أعرفها بتفاصيلها جيداً لذلك أكتب… هي في نفس الوقت حروف لمن يريد أن يعرف النجاح … يعرف الانضباط ولا عدم المبالاة، يعرف الالتزام لا التململات… يعرف أن الرزق كفاح وليس إهمال وخمول.
لا يقظة لفكر إنسان ما لم تحركه عزيمته وقيمه الغالية… محطماً الأغلال وأن لا يكون أسيراً للتفاخر المزيف ومريضاً بكسل القلوب.
الحياة بحر متلاطم… مركبك قوة عزيمتك،… ومجدافك الاجتهاد والالتزام بشرف الأخلاق والبعد عن الإستهتار… ستنجح إذا كنت واثقاّ ولن تهمك الأمواج… حاول أن تبحر دائماً في سماء صافية… ستصل الى الميناء قبل من كانوا ينتقدوك… وقد لا يصلوا.