كثير من الحيل التي يفعلها تجار الغلاء في مقابل المغالين في الإستهلاك (نحن) من أجل إرتفاع الأسعار في مواجهة شهوة التسوق (لدينا)، فالدجاج هو الدجاج منذ أن خلقها الله سوى الإحساس الهرموني الذي أضيف لكي نشعر بأن هذه الدجاجة حتى لو كانت متجمدة مليئة بمسببات الحياة لنا، ونزيد في ذلك ونسأل أسئلة كونية كيف أكتشف الدجاج وما سبب النزول من الشجر الى الأرض!.
وكذلك الخروف، فإننا في حالة عدم الوعي بما نأكل من لحمه مفطحاً كان أم مشوياً ونتلذذ بعظامه حين “نتمشمش” ونسأل ما هو مفيد وغير مفيد، من ثم نبقى ونتعايش مع كثير من المغص والرياح التي تعصف بنا، وننتظر بجهالة متى يبلغ مرحلة السرطنة في داخلنا.
يبادرنا المختص وهو يسرح بنا في ممشى حديقة المرضى لابساً فنيلة ميكي ماوس، فيجيب ويوضح الحل بطريقة دراماتيكية، يتنبأ لنا ما إذا كان المنتج يرفع الكوليسترول أو أنه يفيض بمستوى السكر في الدم، وفي النهاية يتلقفه تجار الغلاء وينقلونه في شكل ترويجي بأن المختص قد “حسم الجدل” ولا داعي للتفكير فيه.
من الصعب تعريف الغلاء وحتى إيقافه، ندخل في جدال مع التجار في كل مرة في رحلتهم معنا في الصيف وفي الشتاء. لا يمكن هزيمة الغلاء إلا بانتصارنا على مغالاتنا وعلى أنفسنا، بحيث ندرك احتياجاتنا وليس بحكم شهواتنا وبمعرفة متطلبات ما نريد من طعام كاف لأجسادنا .
البقاء في ساحة الغلاء والتشكي هو شقاء مطول ولا بد من جهد داخلي في النفس، ربما نفشل فتكثر أسقامنا ويصبح طريق الشباعة المفرطة بلا عودة. الشهوانية في الأكل تخفي مفاجآت مؤلمة حين نستجيب للغلاء، سيزداد شقاؤنا ونتجرد من كل قدرة بسيطة على التفكير عندما نشاهد صحن المفطح أو شواية البخاري.
المغالاة من قبلنا والغلاء التصادمي مع من يبيعون النعمة هو صراع منطقي وقديم ومستمر.. ولنعلم أن كل ربح في هذا العالم الجشع هو خسارتنا لصحتنا وهلاك لأبداننا.