لطالما تمنيت أن أزور موسكو تلك المدينة التي سمعت عنها كثيراً في بداية حياتي، كانت موسكو مزعجة في أخبارها وفي طروحاتها الفكرية، وقتها بدأت شيطنة موسكو من قبل الحلم الأمريكي الذي انشغلنا به وصارت أحلامنا من أحلامه ومستقبلنا يتاثر بمستقبله.
تغير الحال فأصبح صانع الإشتراكية ينضج بهدؤ وأعتزل الشيوعية وأصبح سيد الديمقراطية مغروراً بحاله وصار بعلمه دكتاتوراً، أصبح الحلم الأمريكي أكثر إزعاجاً من موسكو بسبب تجاوزات وبازارات الحزبين الديمقراطي والجمهوري، كل أربع سنوات لنا قصة مع أتباع الرئيس وأحكام الكونغرس وروايات المخابرات المركزية، تتشاحن وتتسابق هذه المجموعات وترمي خراجها على بقية العالم وتتبلل ساحة البيت الأبيض بمياة عكرة في كثير من الأحيان لا تجف بسهولة.
أصبح أقطاب الحزبان اللدودان ومشرعيه مصدر إبتزاز في كل نواحي حياتنا، يتدخلون فيما نأكل وما نشرب وكيف نسهر حتى وصل الأمر الى داخل بيوتنا، يفرقون بين الرجل وزوجه وبين الإبنة وأبيها، يجعلون الخائن بطلاً والشريف المحب لوطنه عدواً، يبدون حقوقاً تعكس وتتنافى مع موازين الخالق والكون، يشرعون قوانيناً للعقوبة لكل من يخالف آرائهم وأهواءهم.
( نحن ) لا يهمنا ما يحدث داخل الولايات الأمريكية غير المتحدة ولا يهمنا من يختارون ومن يحكمهم قائماً كان أم جالساً فهذا شأنهم وإختيارهم.
( نحن ) لا يهمنا إن أتى جو أو مايكل أو حصين أو دونالد أو حتى إن بعثوا ابراهام لينكون أو جورج واشنطن من مراقدهم كما يفعلون في ستوديوهات هوليوود.
( نحن ) مايزعجنا هو أن أحاديث ونصائح امريكا عن الديموقراطية لم تعد مصدقة ولا مقنعة وعليهم أن يحتفظوا بها لأنفسهم، الحياة في امريكا يحلم بها كثير من البشر لكن هذا الحلم أصبح مزيف لأن امريكا تغيرت، تغير الحلم وربما غيره المستر كورونا ولله في ذلك حكمة.
العالم يضحك على ما يحدث في امريكا، وسيستمر الضحك، أما بالنسبة لي ففكرة السفر الى موسكو واردة بعد إنجلاء جائحة كورونا، وقد طرحتها على مقربين لي وهم متحمسون لزيارة الميدان الأحمر وساحة الكرملين في موسكو والتمتع بشواطئ سوتشي والتصوير في ساحة القصر في سانت بطرسبرغ، وربما نحضى بلقاء السيد بوتين ويصبح صديقاً عفيفاً بدلاً من الصديق والحليف الغثيث.