إنتهاز الفرص والظروف الإنسانية ظاهرة طبع عليها الغرب عموماً والتاريخ يشهد بذلك، يظهر الغرب دائماً بعد أي حدث في أي مكان في العالم شفقة زائفة ويبادر ببيان قلقه في بداية أي مشكلة لدولة ما خارج نطاقه الجغرافي، ثم لا يلبث إلا أن يحولها الى منطق سياسي ذات مصلحة له لإبتزاز كل الأطراف وتمويه الحقائق لتنفيذ مرامه, تدوير الأزمات لدى الغرب سياسة يمارسها بكل وسائلة ولا تهمه مصالح الشعوب.
الغرب دعم جماعات إرهابية في السر فخربت أنظمة وإستباحت مدن، وناصر وهادن دول شريرة تدخلت في شؤون دول أخرى حتى أن دول مارقة مثل ايران وتركيا تفاخر بالتحكم بعواصم دول أخرى، إحتضن الغرب الفاسدين والهاربين الخارجين عن القانون من دول خارج حدوده ومن دول حليفة له وأصبح يستعملها كأوراق ضغط سياسي لمصالحه، وتغاضى وورطها ثم عاد بسبب عدم إلتزامه الى إعادة التمحور .
ساعد في ذلك النظام الديموقراطي الذي إخترعه الغرب الذي يسمح بتداول السلطة، معنى الديموقراطية المخفي هو الأساس في التستر و إعادة السياسات وتغيير الأقنعة. لم تكن النظم الديوقراطية في صالح الشعوب حتى فيما يتعلق بحرية الرأي والتي هي منتقاة على حساب إهتزاز الكيانات مهما كان توجهها، ذلك يسمح لها بالمطالبة بالتغير أو محاولات الإنقلاب على النظم السياسية الديموقراطية في الدول التي إختار شعبها رغبته، الغرب يعتبر أنها دول خارجة عن الذوق والفلك الغربي ويلزم تغيير سياستها وحتى حكامها على ما تفرضه عليها.
القوة الذي يستعملها الغرب ويواجه بها الدول هي منظومات يتحكم بها، أولها مجلس الامن الذي يضم القوى الغربية بتصويتها القوي وفرض القرارات لضمان التغيير المراد بشكل قانوني، زاد في ذلك أنها أصبحت بطريقة فردية تسلطية، بحيث أن كل دولة من الغرب تستطيع فرض عقوبات فردية على دول ويتبعها جميع المحور الغربي بحكوماته وشركاته بدون اللجؤ الى المنظمة الأممية.
حقوق الإنسان والفساد آخر المقاصد التي تتدخل فيه الدول الغربية رغم أن أنظمتها تنخر بالفساد المقنن وحقوق الإنسان المنتقاة وبطريقة سرية، حيث أنهم يتحكمون في مفاصل النظم البنكية والقضائية العالمية بما فيها صندوق النقد الدولي والمحكمة الدولية و منظمات حقوق الإنسان وغيرها، هذه المنظمات تعين من يترأسها ويديرها والأمر أخيراً في قرار محور الغرب، يحاربون كل منظمة لا تدور في فلكهم خاصة في عالم الحروب الخفية التي ليست بجديدة عليهم ولكنها أصبحت ذات تقنية عالية لا تخلو من التعمد في استخدامها لتنفيذ مالا يستطيعون بالحوار.
رغم التقدم الغربي في مجالات عدة إلا إنها أصبحت ليست في صالح البشرية وهذا مختلف عن عصور مضت الذي قدم فيه الغرب للإنسانية إختراعات ساهمت في تقدم البشرية ولم يكن فيها كثير من الأنانية ولا تسلط وعم نفعها كل أرجاء الارض ولا أحد يجحد ذلك.
الغرب الذي خرج من قرونه الوسطى وحروبه الأهلية نقل الآن كل ذلك خارج حدوده وأصبح حاضنة ومصدر ومصمم ومخطط لكل شرور العالم، هم مهندسوها وعملوا على إنعدم الوازع الديني في مجتمعات محافظة، وأصبح الإبتزاز سمة غير نزيهة في سياستهم، أصبح النظام الديموقراطي فأس يسلط بغير وجه حق على من لا يساير الغرب.
نرجسية الغرب وصلت للدول والشعوب بالخضوع للإملآت الغربية وتوجيه النظم السياسية المستقرة في خارج نظامهم الى ما يخدم مصالحهم ولا غير، أكثر من ذلك أنهم يفضلون عدم الإستقرار وصنع الفوضى الخلاقة.
هل سيطول رضى بقية العالم بذلك أم سيواجهون الغرب في معركة كبرى لم يحن وقتها، وفي المواجهة قد تكون النتيجة تركيع نظام الغرب الذي سيصيبه الوهن بأمور هشة قد تكون بطرق بسيطة ولكنها مؤلمة جداً.
العالم الحديث بلا إستقرار ولا يشعر بالإطمئنان لسياسات أنظمة العالم الغربي المتقلبة بلا إستثناء. الحكام العادلون والشعوب الشريفة المسالمة تصرخ فيهم أن دولنا وحياتنا مهمة وتقول : أن الغرب غير جديرون بالثقة، وأن نرجسية الغرب لن تحافظ على الحياة على وجه الأرض.