حلو الليالي

بعض الليالي أقضيها بدون ستار .. تسافر روحي بين مسارات النجوم عبر هضاب الشوق والحنين ..أتوقف عند دوار القمر إن كان بدراً لتهدأ النفس من ميلات الزمن وأضع اشارة في منتصفه .. أرتاح بين قوسيه إن كان هلالاً لأسأل دواخلي عن ماقدم قلبي ولتأسف على ما أصابه.

تبقى علوم الليالي وهواجيس الشك تصطاد فكري في ارتفاعاته وانخفاضاته .. أسير بها بكل بطء نحو الأعلى وفي السماء رب عليم .. أصنع بنظري خرائط مشاعري بلون الفضاء الأسود .. بريقها مدن ذكرياتي ومسالكها شوارع أيامي وإحداثياتها مواقف لحظاتي الحزينة والسعيدة.

كم لهذا الليل من مسافات في كل الإتجاهات لكن ظلمته بعد حين تشرق بياضاً في سترة أحلامي ورماداً في نسيج تمنياتي .. أقصده وأنا مغرم بلا وله وأعرف أن ليس في طرقه الحل .. أحب أن يضمني الليل وأتجول فيه بالنظر بلا نهاية .. أحب أن أسبح في خياله بدون عوم يرهق ولا جناح يرفرف .. أنتقل بين فياضه بلا تصاريح ولا جواز سفر .. أدخل في وسط غياهيب هذا الليل ومعي بشر كثر دون أن نرى بعض .. الليل ملك لكل الخلق والأجمل أن  لا حرس تمنع ولا رسوم تدفع .. كلنا في الليل نهيم برضانا ونرسم أحلامنا بدون مشقة أو ندامة.

أحب الليل والقمر والنجوم … لست الوحيد  فكل أهل الشوق والشعر والمغنى  هاموا بهم لأنهم مفتاح الإبداع ومنطلق المحبة وحفاظ أسرارها.

تشرح أبيات الشاعر العراقي بدر شاكر السَّيَّاب أسرار الليل بقوله:

ليتَ اللَّيالي تُنسي قَلبي الألمَا

 والنَّجم يُنِبئها عَني بِما عَلِما

لعَينيكَ يا ليلُ سِرٌّ لا تبوحُ بِهِ

أُغمضتْ عَنهُ عيونُ النَّاسِ فانكَتَما.

طابت لياليكم…