مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / حرية الكراتين

حرية الكراتين

لم تكن ” الكراتين الماكرونية ” ملفته لي ولم أبالي بها لأنها ” كراتين حاقدة ” .. السبب أن تعرجات خيوطها ذات ميول سخيفة وغير مستساغة المذاق .. لكنها بالطبع استفزت في داخلي وفي غيري الشعور بأن الثقافة اصبحت متدنية وأن من يفتخرون بحرية الرأي هم في الواقع عديمي الحكمة والبصيرة، أزعجونا بثورتهم والحديث عن تفتح العقل المتحرر ولم يكن في الواقع سوى خواء وصديد في القلوب قبل ان يكون في العقول.

حضارة الرأي الحر السقيم أصبح يعرض كمنتجات على رفوف الباعة وفي فواصل الإعلانات ومنصات التسويق الرخيص في نوعه والغالي في سعره، ربما نقبل على مضض قول العامة من الناس لكن عندما يصل الى أن يؤيد ويشار له في منابر السياسيين .. هذا مؤسف ومقيت في عرف الإنسانية في أن يصبح الصانع والمنتج والمسوق هم من يعبثون بمشاعر الناس وفي عقائدهم .. وهم بذلك لم يراعوا القيم السامية لإختلاف البشر ولم يحترموا من يتعاملون معهم ، ولم يراعي المصدر شعور المستورد والمستهلك.

وعليه فقد بدات أحاول ان يكون لي موقف في وجه من يحاولون أن يجعلوني اداة مستهلكة رغم السياط التي يمسكون بها .. سأحاول أن يرتفع رأسي كثيراً وليس قليلاً فوق طاولة منتجاتهم وأن أرفض الطعام والشراب والملبس والكماليات التي يصنعها من يحاول أن يجلعني إمعة في يديه وأسيراً لرأيه ولتطرفه.

لقد أصبحت واعياً لمن أدفع وممن أشتري وهذا حقي الشخصي في حياتي .. أعلم جيداً بلد المصنع ورقمه وأتمعن في نوعه وفي محتواه .. لن يفرض علي أحد أن أشتري عصارة ” المولينكس ” ولا قدر ولا مقلى  ” التيفال ” فلا العصارة ستمنعني من شرب البرتقال الطازج ولا ” التيفال ” سيعدم شهيتي من أكل البيض المقلي، علماً بأني أفضل المسلوق فهو أصح.

 دائماً ما كانت جبنة ” البقرة الضاحكة ” تسبب لي عسر الهضم، أما بياض ” الكيري ” فهو مزيج لا أعلمه ودائماً ما أشكك في طهارته. أما عطور ” الشانل ” و “الكارتيه” فهي باهظة الثمن، يشمها غيري وأنا لا أشتمها فما الداعي طالما لم أستمتع بها وأدفع أنا سعرها ليشمها غيري.

أما الدجاج ” الدوكسي ” فلم أحمله في كيس المقاضي ولم أحمل كرتونه على كتفي يوماً وأخلط في مسماه مع ” الكلوركس “. وأما مايغيضني كثيراً هو صورة الأسد على سيارة ” البيجو ” فلم أعرف أن صانعيها هم أسوداً، بل هم صناع المكياج ومساحيق النعومة على وجوه النساء وربما على بعض الرجال إن نقصت ذكورتهم.

في داخل بيتي المحصن سأبذل مافي وسعي لمنع إختراق المنتجات التي لم يحترم مصنعوها مشاعري ومشاعر أمتي فيما يمس العقيدة الإسلامية أو التعرض لرموز بلادنا وحكامها وشعبها. 

الحرية التي يدعيها خصوم الإسلام هي حرية منتقاة حسب أهوائهم و ” الكراتين الماكرونية ” ربما ستستمر في عنادها ولكننا نختصر القول في ماذكره الله في كتابه المؤمنون به وهو هدينا وملتجى أمرنا .. قال تعالى:

﴿ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ ﴾

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …