ذكرت في مقالي السابق بعض من التحليل لحال النظام العالمي وكذلك الدول مع أزمة كورونا ، وتحدثت عن إعادة تراتبية العالم والدول مع هذه الأزمة.
واليوم سيكون الحديث عن العنصر الثاني والذي هو كيف أعاد كورونا تراتبية أولويات ساكني هذا العالم،المُلفت الآن هو يقيني بأن الجميع يقرأ حروفي هذه ، وهو في منزله، وبين أهل بيته، وهذا أول الترتيب الذي أعاده إلينا كورونا.
بيوتنا التي هجرناها إلا للنوم، وأهلنا وذوينا الذين انصهرت أولوياتهم لدينا بعموم الناس، هاهو كورونا يود بأن يذكرنا : بأن البيوت التي صممناها لضيوفنا … هي لنا ، وبأن قاطنيها الذين فضلنا عليهم الغير …. هم ذخرنا بعد الله.
كذلك رحالنا التي شُدّت لكل بقاع الدنيا، وأرجلنا التي حملتنا لكل الدروب، يود كورونا بأن يذكرنا بما حفظناه صغاراً، ونسيناه كباراً ، أنه لا تُشدُّ الرحال الا لثلاث .. وأن أول الدروب التي على أرجلنا أن تحملنا إليها، هي مساجدنا التي حُظرت عنا الآن لمصلحة عموم المسلمين.
تربية أبنائنا التي أحالها الكثير منا رجالاً ونساءاً لمعلمٍ فاضل ، ولمربٍ نجيب ، أراد كورونا أن يذكرنا بمسؤولياتنا، أن يقول لنا : التربية ومن بعدي الآن أصبح كذلك التعليم، هي مسؤوليتكم معشر الآباء والأمهات.
صحتنا التي أهملناها وأجسادنا التي أعييناها، من عادات غذائية غير سليمة ، وسهر لأعين كثيرة ، لم تعرف النوم سوى في ساعات الصباح الأولى ، كورونا وبحظره للتجول البشري يهمس في أذانينا مذكراً لنا بسنن هذه الدنيا من خالقها : { وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا (9) وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا (11) } سورة النبأ.
أعمالنا الوظيفية التي قد نكون في يوم من الأيام أهملناها، وزملاؤنا الذين قد نكون في لحظة من اللحظات اختلفنا معهم.
هل جاء كورونا ليذكرنا بنعمة استجلاب الرزق ؟ وكثرة الزملاء والأصدقاء؟
وقبل هذا كله ، نعمة الأمن والطمأنينة والعافية، التي حفتنا ذهاباً وإياباً لأرزاقنا.
كوادرنا الصحية ، ورجال أمننا ، ومعلمينا الفضلاء :
أقدم اليوم لكم نيابةً عن أبناء وطني كل الشكر، وأعظم التقدير، وعالي الإمتنان، لكم ولكل الذين يتقدمون في الصفوف الأولى للذود عن هذا الوطن وحياضه وسلامة أبناءه ، صحياً وأمنياً وعلمياً وثقافيا، فأنتم رجال هذه المرحلة، وأبطال هذه القصة، ونموذج لكل الطامحين، فبكم نتقدّم ومنكم نأمل، ولكم ندعي. كورونا ذكرنا ووثق في قلوبنا بأنكم الدرع الحصين والجدار المنيع، لنا ولوطننا الغالي، هكذا كنتم والآن لازلتم ، وكذلك ستظلون.
في الختام :
لنتذكر دوماً بأن العالم مع كورونا يعيد ترتيب نفسه .. فهل سنعيد ترتيب ذواتنا ؟
هذا ماسيجيب على سؤالي اللاحق :
كيف سنكون بحفظ الله بعد هذه الأزمة ؟!
بقلم
زياد الغانم