مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / نافذة براغماتية ..

نافذة براغماتية ..

البراغماتية هي التماثل في التصنع الآني لسلوكيات متقاطعة و هي في السياسة فن التموضع حسب الظروف، أبرز طرق البراغماتية السياسية تتمثل في سحب الخصوم الى منطقة رمادية يشعر فيها بالآمان، هي في الواقع مصائد ذات سموم طويلة المفعول تبدأ بالهذيان في اللسان ثم تصيب الأعصاب و تنفلت بدون وعي، هذه الأعراض تصيب الدول المتكبرة في أيديولوجياتها و التي تخلط بين نواياها التوسعية و مسرحياتها التوافقية على الصعيد الدولي و لكن النهاية معروفة هي السقوط في وحل التفكك و فقدان الوهج الشعبوي.

 الدول التي تمارس هذه الصفة العمياء  هي أنظمة منقسمة في كيانها السياسي العقدي و بين الأيدلوجية المنطلقة من تاريخ طويل بالمماحكات التوسعية، يعزز غرائزها تمجيد  قيادات قديمة متسلطة عاشت على كريزمات شهوة النفوذ و حب إستعباد الشعوب، دائماً هذه السطوة تكون خارج نطاق الإقليم الذي ولدت فيه هذه الزعامات و بعيداً عن مواطن التسييد و مركز الحكم، السبب هو التحسب و التوجس من حرائق المعارضين  على قلاعهم و خزائن الذهب فيها. 

إيران و تركيا هما أمثلة واضحة لهذه الأخلاقيات في منطقتنا، أما في أوروبا فإن ألمانيا و ايطاليا و فرنسا تعتبر صوامع للبراغماتية المغلفة بعباءة الحرية الغير مقيدة التي تتناقض مع روح الإنسانية النقية، كما أن جميعهم يتشارك في تعالي العرق المدسوس و النوايا الخفية لمقاصدهم.

تعتبر هذه الدول المذكورة حكاماً و شعوباً من أشرس الأنظمة عندما تستحكم في قضية أو مسألة تعتقد أنها تدور في فلك مزاعمها التاريخية، كما أن شعوبها مصابة بعمى الألوان و بدعة التميز لسبب تاريخي بحت في أنهم ما زالوا يعيشون عصر التيه الفكري لسلاطينهم و فلاسفتهم و معابدهم التسلطية.

التعامل مع هذا الواقع هو تجاهلهم و عدم إعطاءها الفرصة في الجلوس في المقعد المجاور بل في آخر الطاولة إن كان هناك لقاء، و غير ذلك فإن وقوفهم خلف الجدار أفضل و لا مانع من نافذة صغيرة تحكمها مصالح المقايضات التجارية بدون فوائد مستدامة أو تخفيض جمركي لسلعة بارت بها الأسواق.

فلك البراغماتية سيل جارف لا يرحم و مسلك يسلب الثقة و الإحترام من الآخرين حال كشفه، المجد و السلطة و الحكم عنوانين هداية للناس و ليست لجر الخلق الى الفوقية العرقية و ليست عن  ما يحيد عن هدف الخالق في تمكين كينونة البشر و منزلته عن باقي المخلوقات.

بذلك شخصياً أخالف ما سار عليه منظر البراغماتية الفيلسوف الأمريكي  وليم جيمس  في تعريف  الحقيقة بأنهامطابقة الأشياء لمنفعتنا، لا مطابقة الفكر للأشياء “، ذلك لم يعد مفهوماً في هذا العصر الزاخر بالبراغماتية و البعد عن الحقيقة و اللجوء دائماً الى عكس الأشياء بمنطق أصبح مألوفاً و مرحباً به. 

دمتم في حفظ الله.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …