مواضيع منوعة
الرئيسية / بلادي حوالة / كراماً عرفتهم : الراحل علي بن مسفر الحوالي

كراماً عرفتهم : الراحل علي بن مسفر الحوالي

كل من عاش فترة السبعينات الميلادية في محافظة بلجرشي و بلاد بلشهم، يتذكر “ علي بن مسفر الحوالي “ ، هذا الرجل الضخم في بنانه  و في قوته الجسمانية كان له مواقف عديدة أثبتت أنه رجل “ سوبرمان “ في محيط سكناه و كانوا يطلقون عليه “ شمشون حوالة “   بخلاف أنه لا يطير، كانت قصصه البطولية هي نتاج مواقف معينة و مشهورة و متداولة بين الناس ، شاهدوا أمام أعينهم قواه الخارقة عند مواجهة حالة غير عادية لا يمكن لأحد فعلها بسبب التكوين البدني، فمن إنقاذ سيارة بسحبها بيديه من مجرى وادي الى تبديل كفر السيارة برفعها بيديه على فخذه و رجليه تعملان كعفريتة لرفع السيارة،.

ولد علي بن مسفر الحوالي في بلاد حوالة عام ١٣٥٩هـ في قرية الشرف، عاش مع والده و والدته و إخوانه : شرف شافاه الله و أسبغ عليه الصحة و العافية و المعلم الفاضل فضيل رحمه الله و محمد الذي يعيش حالياً في مدينة الدمام متقاعداً من ارامكو. 

عاش في بداية عمره رحمه الله عيشة طبيعية في مجتمع قروي بسيط يعتمد على الزراعة و تربية الأنعام كسبيل للكسب و العيش. 

 في عام ١٣٧٣هـ غادر علي الحوالي بلاد حوالة و إتجه الى الرياض كسباً للعيش و لمساعدة والديه و إخوانه، عمل موظفاً في وزارة الزراعة و توسع لاحقاً في عمله خارج أوقات الدوام و إفتتح  في حي ” دخنه “  محلاً لصيانة الدرجات النارية التي كانت شائعة ركوبها.

 عاش الراحل علي بن مسفر في الرياض قرابة عشرين سنة، تزوج خلالها و سكن مع أهله   في حي ” الشميسي “، شاهدته مراراً في زيارات متبادلة عائلية و كنت أدهش من  قوامه و لياقته في قيادة دراجته النارية الكبيرة من نوع ( هارلي ستريت )، كان يأتي إلى حي المرقب في زيارات  لبيت ” العزبة ” جماعته من بلاد حوالة، كنت و غيري نستمتع بالجلوس معه و سماع مواقفه المذهلة التي يصادفها يومياً.

كانت حياة الرياض في بداية تطورها الحضاري ملهمة، فبتفكيره اليقظ تمرس و تعلم الراحل كيف يندمج مع المتغيرات الحديثة في التعامل مع شرائح اجتماعية بدأت في الظهور تلك الفترة، ما مكنه من ذلك هو العمل في محل ” الدبابات ” و أيضاً سكنه في حي ” الشميسي ” الشهير بمختلف الأذواق  بعيداً بالمسافة عن جماعتة في حي المرقب. 

كانت مدينة الرياض تلك الأيام  منبسطة للناس الراجلة و السائرة في ظل عدد قليل من السيارات، ذلك جعل من الرجل الضخم ملمحاً تحت الأنظار على الدوام في كل شارع و كل طريق، و كان يتوجس من ذلك.

توفي والده رحمة الله عليه عام ١٣٨٩هـ و أضطر  علي الحوالي رحمة الله عليه أن ينتقل و يترك الرياض مع عائلته للعيش مع أمه و إخوانه في بلاد حوالة، تمكن من تحويل وظيفته الى فرع وزارة الزراعة بالباحة ثم لاحقاً الى بلجرشي. 

 في  عام  ١٣٩٤هـ تعرفت أكثر على المغفور له بإذن الله ” علي بن مسفر “  عند زيارتي لأول مرة الى بلادي حوالة، سكنت في دار المشهور في قرية الشرف و كان داره رحمه الله قريبة ، إجتمعنا في أمسيات متكررة طوال صيف ذلك العام في داره و في دور نخبة من مجتمع حوالة، كان يجيد  العزف على آلة العود و كان مؤنساً مع مجموعة ذواقة تحب و تؤدي القصائد الشعبية بألحان مختلفة  و نادر  من يحتفظ ببعض هذه الجلسات حين تسريبها.

كانت سيارته الخاصة من نوع جيب تويوتا معدل تصميم مقعدها بقدر حجمه، كان يعامل السيارة كلعبة صغيرة في صيانتها و قيادتها في منطقة ذات خطوط غير ممهدة و عبر مرتفعات و منخفضات حادة مروراً بأودية تجري و سيول متوقعة و حالة طقس جنوبي يغلب عليه وقت الأمطار.

كان رحمه الله رقيق القلب و طيب اللسان و ذو بشاشة في المحيا، كان دائم المساعدة في حاجات الناس التي تتطلب مجهود بدني فائق القوة.لم يذكر له موقف تجنى فيه بجبروته و تكبره، لم يشتكي منه أحد طوال حياته و لم يعتدي على أحد من البشر، عاش حياته في سلام و كان نعم العطوف على أمه و المحب لأخوانه و أولاده و عالي الشيمة في جماعته و الخلق الحسن مع الناس.

توفي الفقيد علي بن مسفر الحوالي عام ١٣٩٩هـ بعد معاناة من مرض أصابه فجأة في الغدد لم يمهله كثيراً و توفي في مستشفى التخصصي في الرياض.

الراحل له من الابناء : الولد الوحيد مسفر و سبع من البنات حفظهم الله و عسى الله أن يكونون له شفيعاً في ثواب الجنة. 

اللهم اغفر له و ارحمه و اعف عنه و اكرم منزله .

 يعمل الأستاذ و الكابتن مسفر بن علي بن مسفر الحوالي في القطاع العسكري و له إهتمامات في كرة القدم حيث بداء في نادي الروابي في بلاد حوالة لاعباً ثم دربه لاحقاً، بعد انتقاله الى الرياض سجل مسفر في نادي النصر و كان لاعباً في صفوفه لعدة مواسم و يشعر بالفخر لإنتمائه لفريق أحبه و أحب مثله الأعلى اللاعب الكبير  ماجد عبد الله و الذي يظهر معه في صورة شخصية ادناه.

حفظ الله برحمته الجميع ..




عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

سنان الدار

ينبت الزرع المخضر حول البيوت القديمة وحول القبور .. يسقيه ماء يتسرب من وجدان الماضي …