من جميل حياتي أنني عشت زمن فيما يعرف بجيل “ الطيبين “ رغم أنني لا أقر بذلك مطلقاً لأن الطيب و الطيبين في كل زمان و في كل جيل .. كذلك عندي يقين بأن ما يعرف بالعصر الجاهلي العربي القديم لم يكن الوحيد، فالجهل في كل زمان و في كل جيل، وما نراه اليوم للأسف في العلاقات الإجتماعية و خاصة بين الرجل و المرأة هو مزيج من عصر جاهلي القيم و جيل طيب تصعب حياته في تفسير أمره كثيراً .. فيه من الجهل الإجتماعي و الأخلاقي ما تحتار فيه نفوس الطيبين، كثير منها قصص نعجز عن تصديقها في مجتمع كمثل مجتمعات الجزيرة العربية المحافظة شابها قليل من المعرفة العصرية لمفهوم الثقافات و تنوعها و إختلافها.
رغم مايقال عن عهد جاهلي عربي قديم إلا أن المرأة العربية في بيتها و في بيئتها الصحراوية كانت صاحبة شأن و لنا في قصص العرب موروث غني يعلمه كل واحد منا .. كان لها سير و مناقب عن طيب الخصال من أخلاق و شيم فاضلة فطرت عليها من محيطها الغيور عليها، كان فيها الشجاعة و العفاف و الكرم و فوق ذلك كانت وفية الطباع لأهلها و لأسرتها.
بعد الجهل الغير مطلق أتى الإسلام ليتمم مكارم الأخلاق، و حافظت المرأة العربية المسلمة على عفافها و إباءها و كن صاحبات بر و وفاء و نسجت بسجاياها الفاضلة و الحميدة طرق العيش الكريم، موروث تحلا به المجتمع الجاهلي و جاء الإسلام ليعززها و ينقيها مما شابها، و كانت مقولة الرسول العظيم صلى الله عليه و سلم راية فصل لهم ( خياركم في الجاهلية خياركم في الإسلام، إذا فقهوا ).
إن أساس المجتمعات في العالم قاطبة هو المحافظة على القيم الدينية و الدنيوية، و لنا فيما نلاحظه في تراث العالم و نخص به الحديث في عصور بقي من تراثها صور و قصص و حتى أفلام نشاهدها من كل حضارة في العالم خاصة فيما يختص بالمرأة، كانت الحشمة في اللباس و التطهر و التعفف هو السمة الأبرز في أسر “ الطيبين “ .. نعم إن الفساد الأخلاقي و إستغلال المرأة بطرق تجارية مبتذلة موجود منذ مطلع الخليقة لكنه لم يكن البارز و لا السمة الطاغية، من كان فيه أو فيها مفسدة كان يستتر مرغماً و يلوذ بعيداً عن حياض الكرامة و لا يجاهر بها في مكامن من أخذوا الأخلاق و القيم الحميدة شعاراً في حياتهم.
لقد كانت عصور و زمان أجدادنا و أباءنا تعبق بالحكمة في تدبير أمور بيوتهم و نساءهم، كانت محكومة بالشدة مع حكمة عظيمة وراءها و سيطرة يكتنفها مروءة لا تضاهى و حزم محبب يرافقه حنان و حلم نبيل .. أما في عصرنا الحاضر فقد تباينت و أختلفت الزعامة في البيوت و الأسر و أصبح الضياع الأخلاقي مستوراً لا يتميز و لا يظهر إلا بعد فوات الأوان بسبب ما تخفيه التقنية المقيتة في بواطن أجهزة التواصل الإجتماعي الحديثة و أصبح النساء و الأطفال عوامل مسيرة لإهتزاز المجتمع بشكل خفي.
نسأل الله الهداية و الحكمة في أعمالنا، و مختصر القول في الحفظ و الصون هو ما قاله رسولنا العظيم محمد صلى الله عليه و سلم ( الدنيا متاع و خير متاعها : المرأة الصالحة ).