ما أذكره في حياتي أن أول هزيمة عنيفة للمنتخب السعودي لكرة القدم كانت عام ١٩٧٤م في ختام بطولة كأس الخليج العربي الثالثة و التي أقيمت في الكويت .. كانت حصيلتها أربعة أهداف سريعة خاطفة إحتضنها مرمى المنتخب السعودي من غريمة التقليدي في تلك الأيام منتخب الكويت .. صاحب المباراة قبلها و أثناءها و بعدها أحداث بين الجماهير السعودية و قوى الأمن الكويتي لم تكن سارة لنا في المملكة .. كانت حكمة الأمير فيصل بن فهد رحمة الله عليه عاملاً مهماً في تهدئة الأوضاع و عاد المنتخب و إدارته بسلام الى الرياض .. بقيت هذه العقدة الرياضية و تعدتها الى نفسية بين الجماهير استمرت عشرة سنوات حتى عام ١٩٨٤م عندما فاز المنتخب السعودي بنفس النتيجة في تصفيات أولمبياد لوس انجلوس .. زالت بعدها هذه العقدة و حل محلها عقد أخرى و هذه كرة القدم فوز و خسارة.
الشاهد أنني عاصرت تلك المباراة و كان عمري انذاك خمسة عشر عاماً .. في الأيام التالية للمباراة تداول المجتمع الرياضي و الإجتماعي مقولة للملك فيصل رحمه الله أثناء إستقباله الأمير فيصل بن فهد بعد عودته من الكويت .. كانت المقولة “ ليت ما يفوزون علينا إلا في الكورة “.
وهنا أقولها نقلاً و لكنها كانت متداولة بقوة و هي تعكس فعلاً أسلوب الملك فيصل الصارم الحكيم في الموجز من القول الذي يشبه كما يقولون حينها ضرب الرصاص .. و الملك فيصل له أقوال مأثورة في مواقف كثيرة يختصر فيها الكلام و يفيض منه حكمة لا بد أن تتأمله لكي تفك مفرداته و معانيه و لا يتقنه سواه رحمه الله.
للفوز مجالات كثيرة غير الرياضة و لا يعني هزيمة مباراة في كرة القدم مهما كانت نتيجتها أن تعكس أن كل شيئ ليس على ما يرام عندنا .. هذه إنهزامية لأننا نحصر التطور و التقدم في كرة القدم .. نحن نحقق أشياء رائعة في بلادنا و لا يهمنا حاسد أو حاقد ولا من أراد أن يحصر تقدمنا في مباراة كرة قدم .. النهضة و التطلع الذي نمر فيه نحو مستقبل مشرق يستحق التفاؤل على كل الصعد و ليتنا نخسر مباريات و لا أن نخسر وطنيتنا و بلدنا و طموحاتنا.