مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / حسن و حسنين .. و غوار الطوشة

حسن و حسنين .. و غوار الطوشة

منذ أربعة أسابيع و أنا محجم عن سماع الأخبار السياسية أو مشاهدتها و لا تتعدى معرفتي بأحداثها إلا من خلال مجالسة الزملاء من وقت لآخر .. إنصرفت منها الى مشاهدة مباريات الدوري السعودي و الدوريات الأوروبية رغم ما فيها من حساسية و تعصب أشد من ذي قبل .. لكنه أرحم و أمتع من مشاهدة الدماء و القتل و الإرهاب و التنابز بمفردات السياسة و المذهبيات التي أدت الى الحروب و الدمار.

أحجمت عن القنوات الإخبارية العربية و المستعربة الى مشاهد البرامج المحافظة و الوثائقية على القنوات الأجنبية المشفرة و التي تعطي لعقلي قيمة إضافية، بعكس القنوات العربية التي أرى فيها تناقضاً في جدول برامجها مع عروبتها و فيها من المكياج الإجتماعي المترهل ما لا يعكسه الواقع و هذه القنوات تورث لي الصداع و الهم.

هذا كله ليس هروباً من واقع أمتي الأليم و لا نسياناً لمن يفرضون حزنهم علينا و ينسون أحزاننا، و لكنه مقاتة لهذا العالم الذي وصل الى أن يقتل و يوزع صور القتلى لمنطلق أيدولوجي و مصلحة سياسية .. لم يُكِن إحتراماً لكرامة الإنسان و لا لحرمة الموت. كما أنه نكران مني لهذا الإعلام و الفكر العربي الذي لم يستطع أن يواكب محنة أمته و لا أن يبرز قضياها إلا بوسائل تقليدية و مستوردة و شعوري دائماً بأن هذا الإعلام و الفكر يُبث لعرب في كوكب آخر!

في هذا الإعلام ضحكت و ضحك علي “ غوار الطوشة “ أربعون عاماً في جمل أليمة مضحكة خلال عرض مسرحياته و لكنه تراجع عن ماقال و أصبح شريكاً في ألة القتل لشعب عربي بالكلام المسرحي المزعج في قنواته المفضلة  كإزعاج صوت قبقابه الشهير، و كعادته كان يستعين بـ “ أبو عنتر “ و لكن هذه المره بالأسد. و في هذا الفكر و بنفس مقدار السنين كان “ الحكواتي “ محمد حسنين هيكل يتشدق بسيجاره و قلمه و يقدم لي ألف ليلة و ليلة من هرطقات السياسة العربية بروائح عفنة فمرة يجعل من القبح جمالاً و من العبد سيداً و أكملها حديثاً أن جعل من الحمار أسداً.

أما أخر الرجال المفكرين و الذين كنت أتابعهم بحذر و ريبة و دائماً ما يحسب على منتديات الفكر العربي فهو الأمير حسن بن طلال و الذي دائماً ما يبدو إنتهازياً و فوقياً في الشؤون العربية تبعاً للأحداث و لعل الحكيم الملك حسين رحمه الله قد أنقذ أمته العربية من شرور عظام عندما عزم و تحمل مشاق تغيير البوصلة للعائلة الهاشمية.

ما سبق أمثلة لإعلام و فكر تعايش معي لفترة .. لكنه إنقلب رأساً على عقب و لكني لم أنقلب معه، إعلام رخيص في التأثير و القدرة على الإبداع الذهني ، فكر تحكمه المادة و هوى الساسة .. كلاهما الإعلام و المفكرين لم يكونا مستقلين ليعطياني الحقيقة و يبعداني و مجتمعي عن سفاسف الأمور و ما يدعو الى الفرقة و الشتات.

سأثبت في إحجامي عن ما نويت عليه، فإن كان خيراً لي فسأستمر و إن عدت فسأعود من هول الأحداث .. عندها لن يضيرني من الأمر شئ فالقتل و الإرهاب و التشرد حاصل منذ بدء الخليقة و ما أنا و مجتمعي إلا سلسلة من حلقات بشرية عالمية تقاتلت عبر الأزمان و لم يعد هناك فرق أن أموت برصاصة أو أن أسقط صريعاً في بيتي من على السلم لكي أصلح أسلاك توصيل البث التلفزيوني.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …