مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / أسرار الحياة .. فيما وهب الله

أسرار الحياة .. فيما وهب الله

أمضيت منذ تقاعدي عاماً و نصف .. و ما زال سؤال أقراني و من حولي لي هو : كيف التقاعد؟ و هل إستخرجت سجلاً تجارياً؟ .. و إجابتي للسؤال الأول في العموم بأن متعة التقاعد بقدر ما أجتهد الإنسان و ما قدمه من عمل مشرف بإخلاص و إلتزام و تضحية .. أما إجابة السؤال الثاني فهي بأني لا أفقه في التجارة و قد أمضيت عمري مهنياً في عملي و هذا يعطيني في تقاعدي الراحة و الطمأنينة لنفسي مهما تكن أحداث القادم المكتوب، ، و من لم يغنم زمانه في أوله فلن يجديه  لاحقاً.

متعتي الحقيقة في تقاعدي هي إبنتي الصغرى “ نجلاء “ و التي شاءت قدرة المولى الكريم  أن يكرمني بها و ينعم علي و عليها بحالة “ التوحد “ منذ هي في الثالثة و هي الآن في السادسة عشر من عمرها. التقاعد يُكثِر الكلام و الثرثرة و لكني تعلمت الصمت مع “ نجلاء “ ، فقد تعلمت لغة العيون و تعابير الوجه و الجسد إضافة الى الأصوات و أنينها المختلف الشعور .. ففي عينيها أسبح بسكينة مع صوت القرآن الهادئ و الذي يسري بوقار في أرجاء البيت طيلة اليوم .. أدعو الله لها و لي و لأهل بيتي فأحس بقبول الدعاء .. و يشهد الله أني أنال به و أتمنى. . هي نعمة و لا أصورها كمرض و لكنها هبة من خالق الأرزاق و الهبة عند الكرام لا ترد مهما كان الحال.

“ نجلاء “ هي الوحيدة التي لا أستطيع أن أجادلها أو أن أفرض رأياً عليها .. هي مديرة البيت و هي من يضع النظام و يشرع في إختيار طريقة حياتي و حياة العائلة… أجد إحتراماً و دعماً من الدولة و المجتمع و عندما نذهب للتسوق يشعرني الآخرين بإنسانيتهم و إنسانيتي .. حتى لو وصلت الى نظرات الشفقة التائهة .. لكن الجميل أنها مصحوبة بدعوات و هذا خير كثير.

لم تهزمني “ النجلاء “ .. كما عبر الشاعر المبدع الأمير خالد الفيصل في إحدى قصائده .. و لكنها أعطتني القناعة برزق الله و كرمه و علمتني ضبط النفس و غرورها و خلقت بقدرة الله التماسك في الأسرة .. فوق ذلك، فقد أكرمني الله و أكرمها بسيدة كريمة هي أمها .. رعتني و رعتها و صبرت و تحملت بروح عالية وصبر جميل و إنسانية راقية حتى أن التوحد أصبح صفة بين العائلة .. و لم يعد كما يشاع بأنه مرض.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …