مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / في الرياض .. مطر و فرح و لقاء

في الرياض .. مطر و فرح و لقاء

أربعة أيام كانت كافية لي بأن تستزيد روحي بشئ من جمال أجواء الرياض و من أسعدني الحظ بأن أقابلهم بعد غياب للإطمئنان عليهم و تقديم الواجب لمن عاصرتهم ومن مرت أيديهم الطاهرة على رأسي في مسحة حنان أذكرها في عيونهم و إبتساماتهم ، أو من شاركت في محفل فرحتهم بأبنائهم بحضور ترى الوجوة القديمة قليلة و الجديدة تملأ المكان حيوة و إبتسامات، تجهل الأسماء و من لا يملك فراسة الملامح يحتار في التعرف و عندما تعرف الأسماء تفرح و تشعر بأنك بعيد لمسافات و لأزمان.

لن يستكين الفرح في جوارحنا حتى نشعر بما يعاني الأخرون من ألم و من سقم، و لن يتمكن منا الفرح و يعطينا من نسائمة لاحقاً إلا بالصبر و الإحتساب لله. في اليوم الأول كانت زيارتي الأولى عصراً  للوالد و الأخ سهيل بن صالح في المستشفى الوطني و الذي يرقد كرعاية و عناية طبية بعد معاناة مع المرض و إستسلام في الكبر، إلتقيت الأخ العزيز المثقف محمد بن سهيل في وقت مناوبته معه و قضينا ساعة واجب للسؤال عن الأحوال ، أحسن الله خاتمته و جزى الله أبنائه خيراً على إهتمامهم البالغ و المنظم، و هذا ليس بمستغرب من عائلة كريمة نسأل الله له و لهم العفو و العافية.

أما زياراتي الثانية فكانت في المساء للرجل الذي لا تنساه ذاكرتي في صحبته الوفية مع والدي رحمه الله و الأخ الكبير في حكمته و ثقته بنفسه : عبد الله بن مشهور بن سعيّد و الذي عدته في منزل الأخ الحنون أحمد بن مشهور بعد إجراءه لعملية جراحية و يقضي فترة النقاهة في أجواء الرياض الربيعية الممطرة . إستذكر معنا “ أبا علي “ في ليلتها أيام الرياض و حياته و مواقف له مع والدي رحمه الله. إستفاق في ذاكرتي أشياء نسيتها و أوضح تاريخ جميل و ممتع لقدوم أوائل رجالات ديار حوالة الى الرياض مبيناً بلغة رصينة متى و منهم و أين سكنوا و كيف عادوا؟. ليلتها غابت الصورة و بقي الكلام و لولا الحرج لأبقيته الى ما بعد الواحدة صباحاً.

أما اليومين التاليين فكان عنوانهما : حفاوة و كرم و حسن ضيافة .. أظهرها آل ذيبان الكرام إبتداء من حفل زواج إبنهم الشاب خالد بن عباس بن ذيبان على كريمة أخي و شقيقي و سندي في كل الأحوال سعيد بن أحمد العثمان، الى أمسية تالية في ضيافة أخينا عباس حفظه الله في منزله العامر بحضور الأخوة الكبار و الأبناء الشباب من العائلة الكريمة.

في الأسفار و المناسبات تحدث لقاءت غير متوقعة و معارف لم يسمح الزمن بلقاءها، في كلتا المناسبتين كنت منحازآً بشكل كبير في الجلوس و الإستماع لحديث الأخ القدير و الرجل الفاضل علي بن غرم الله بن شبيب و الذي كان يحادثني بروح الأخ و الصديق مثل العلاقة القوية و القديمة التي تربط بيت آل شبيب في ديار القمع ببيت آل عثمان في ديار حوالة منذ عهد الأباء و الأجداد. أما في الشأن العام فكان الأستاذ و مهندس الرواية سالم بن سويد نجماً في سرد حكايات الواقع و كأنه شاهد على العصر بحكم معاصرته لجيل الزمن الجميل في ديار حوالة و الرياض و جدة، و أسعدني لقاءه في الرياض مكان إلتقاءنا أول مرة لنذكر و نستفيق من ذكرياتنا ما أسكنته أيام تلتها.

المفاجاءة الجميلة في هذه الرحلة وصول خالي العزيز و مقام والدي الأستاذ سعد الله بن صالح الى الرياض لحضور الزواج و قضاء عطلة الربيع  و لكن تأخير و تأجيل رحلته من الباحة و إرهاقه حالت دون حضور حفل الزواج. قضيت يوماً كاملاً معه بين ضيافة إبنه صالح وفقه الله في حي البديعة من الظهر حتى الغروب و بين كرم أخي سعيد له في المساء في منزله العامر في حي القدس.

في يوم السفر لم يكن الجو ممطراً و بديعاً كما كان يوم أتيت .. كان مغبراً .. و لكن في منتصف الطريق الى الجبيل .. أصبح الجو جميلاً .. !

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …