هذا المقال مستوحى من مقالة طويلة في عمود الرأي للكاتب ستيفن بينكر في جريدة النيويورك تايمز بتاريخ ٢٣ مايو ٢٠٢٥م
Harvard Derangement Syndrome
متلازمة اضطراب هارفارد
ستيفن بينكر هو أستاذ عائلة جونستون في علم النفس في جامعة هارفارد ومؤلف الكتاب القادم “عندما يعرف الجميع أن الجميع يعرف : المعرفة المشتركة وأسرار المال والسلطة والحياة اليومية”.
الاتهامات والشتائم التي تلصق بجامعة هارفارد الأمريكية وفق منتقديها، حدث يستلزم النظر فيه من خارج القارة الأمريكية حيث أن خريجيها متفرقون في كل أنحاء العالم ولهم مكانتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والطبية وفي كل العلوم الحية، فالذي حدث أن الرئيس ترامب اتهم الجامعة بأنها “مؤسسة يسارية متطرفة معادية للسامية”، كما أصدر أمرا رئاسيا بمنع جامعة هارفارد من تسجيل الطلاب الأجانب وهددها بمضاعفة الضريبة على هباتها بمقدار 15 ضعفا، وكذلك إزالة وضعها غير الربحي المعفى من الضرائب.
توالت الآراء بين مؤيد لهذا القرار وخاصة بعد أحداث السابع من أكتوبر وما تلاه من اضطرابات في الجامعات الأمريكية وخاصة الجامعة العريقة هارفارد، ومن أوسمها بعبارات قاسية على أنها “عار وطني” ومن دعاها “سفينة الحمقى”، وبين منتقد للطريقة التي تعامل الجهاز الحكومي في واشنطون مع هارفارد.
“ تعتبر جامعة هارفارد أقدم وأغنى وأشهر جامعة في العالم، تعد الجامعة مثالا للتعليم العالي، لديها 25,000 طالب يدرسها 2,400 من أعضاء هيئة التدريس، موزعين على 13 مدرسة. في العامين الماضيين صنفت جامعة هارفارد في المرتبة الأولى في حرية التعبير من بين حوالي 250 كلية وجامعة شملها الاستطلاع.“
“كما أظهر استطلاع للرأي في مجلس الحرية الأكاديمية العديد من الأمثلة التي شعروا فيها أن الضيق السياسي قد شوه البحث في تخصصاتهم فمثلا في سياسة المناخ، أدى ذلك إلى التركيز على شيطنة شركات الوقود الأحفوري بديلا عن الاعتراف بالرغبة العالمية في الحصول على الطاقة الوفيرة. في الصحة العامة، الدعوة إلى التدخلات الحكومية القصوى بديلا عن تحليلات التكلفة والفوائد، وفي العلوم الاجتماعية عزو جميع التفاوتات الجماعية إلى العنصرية ولكن ليس إلى الثقافة أبدا.“
“جعلت جامعة هارفارد (مع جامعات أخرى) العالم مكانا أفضل، بشكل كبير. فاز إثنان وخمسون عضوا في هيئة التدريس بجوائز نوبل وتحتفظ جامعة هارفارد بأكثر من 5،800 براءة اختراع. اخترع باحثوها أول عملية زرع عضو، والكمبيوتر القابل للبرمجة،وأولدت جامعة هارفارد ” مايكروسوفت” و “فيسبوك”، وهذا مايجعل جامعة هارفارد خيالية للأفكار”.
وجهة نظر:
معاداة الشرق كامنة في الأنفس تتبدى في سلوكهم كلما جدت حادثة لها علاقة بالعرب والمسلمين ، تتبدى عند النخبة لديهم. جذور هذه المعاداة قديمة منذ الإستيلاء على القسطنطينية والحروب الصليبية، وتعكس مناخاً يبلغ ذروته عند الأحداث المرتبطة بالأيدولوجيات في حالة من الهذيان الغير عقلاني ولا إنساني، شيطنة كل من له علاقة سوية أو تلمس للصواب.
والحقيقة،أنهم يربطون ما يحصل في كل شبر من الكرة الأرضية بصدام الحضارات، وزاد ذلك أن أهل السياسة ساهموا في إذكاء الجمر لغايات انتخابية .. أفرغ التاريخ في حجج واهية تحت ستار المجتمع المنفتح.
اليوم وفي حالة محنة جامعة هارفارد، يتجدد الخطاب في نوع من التعتيم العلمي مقابل إتزان المبادئ، واليمينيون يتلقفون هذا الإرهاب العلمي في تناقض مع الوقائع ولأسباب أيدولوجية، وأصبح العلم متهم بتغذية المزعوم ” صراع الحضارات” تحت خلفية السياسة المرفوضة .. هذا العداء المتصل لا يخدم العلم ولا السياسة ولا الإنسانية.