مدونة عثمان بن أحمد الشمراني كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة
خاص للمدونة :
مما لاشك فيه بأن المحلل للأزمة الصحية العالمية، التي داهمت العالم مؤخراً، سيلحظ عنصرين مهمين وهما :إعادة تراتبية العالم وكذلك أولويات ساكنيه.
وبما يخص العنصر الأول والذي سأتحدث عنه اليوم،فمن الواضح أن العالم يعيد ترتيب نفسه، وبعض الدول تعيد تموقعها، وكشفت هذه الأزمة الصحية العالمية عن أزمة أكبر، وهي تعامل وإدارة النظام العالمي الدولي مع مثل هذه الأزمات والهزات، فالصين مسقط رأس فيروس كورونا تُتهم من العالم بإخفاء هذا الفيروس حتى تفشيه،وعدم كشفه للعالم مبكراً، والولايات المتحدة يُسابق رئيسها رجل الأعمال الزمن للوصول إلى لقاح لهذا الفيروس، لتسويقه، وكذلك لتسويق حملته الإنتخابية التي باتت على الأبواب،وكثير من التحالفات الهشة التي استطاعت أن تصمد لعقود،من الواضح أنها ستسقط أمام فيروس كورونا.
الدول الأوروبية والتي ظلّت لسنوات بغالبها تحت المظلة الأمريكية منذ مشروع مارشال بعد الحرب العالمية الثانية، واتحادها الذي لم يكن أول مفلسيه إلا اليونان وآخر منسحبيه بريطانيا، بدا مُستسلماً أمام هذه الأزمة، بل إن بعض دوله بدأت تتطلع لتحالف مع الصين بعد أن أبدت استسلامها وخذلانها من محيطها.
أما على مستوى العالم العربي، فأراها فرصة سانحة أمام هذه الإنكفاءات العالمية لإعادة الثقة لذواتنا، وعدم جلد أنفسنا، وقدرتنا على إدارة هذه الأزمة وتجاوزها بل واستثمارها كما تفعل السعودية ( والتي سأتحدث عنها لاحقا)، جدير بنا أن نراهن على الوعي الذي بدا واضحاً بأنه يرجح ميزاننا أمام العالم، فالقدرات المعرفية والعلمية وكذلك مستوى الإدراك والوعي لمجتمعاتنا،تجعلنا نتفاءل ليس فقط بتجاوز هذه الأزمة بل واستثمارها.
وكما أن العالم يعيد ترتيب نفسه، فالدول لابد لها من ذلك أيضاً، بجدولة أولوياتها وترتيب صفوفها الداخلية وتنظيم كوادرها البشرية، واتخاذ إجراءات لا تقليدية،تجعل من أزمة كورونا القفزة التي من على أنقاضها نصعد، مثل دعم البحوث العلمية، وتهيئة النظام الصحي للإستجابة لمثل هذه الأزمات والتعامل معها، وكذلك التعجيل بخطوات التعليم عن بعد واستثمار التقنية، وإعادة تموضع الأهم فالمهم، ولنتذكر دوماً، بأن العالم مع كورونا يعيد ترتيب نفسه، فأين سنكون بعد هذه الأزمة؟.
بقلم : زياد الغانم
