مدونة عثمان بن أحمد الشمراني كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة
يقولون بأن الأيام حبلى بالمفاجاءت، لكن من قالوها لا يستطيعون الغوص في باطنها و إخبارك بما هو سعيد و ما هو حزين, لكن الأيام الخوالي يستطيع الإنسان أن يفندها و يضع قائمتان : قائمة رئيسية محببة يفاخر بها و يذكرها بدون خجل و يشكر الله أن هداه لها، أما القائمة الهامشية فهي التي سقط الإنسان فيها بوعي أو بدون وعي، لا يستطيع أن يبوح بها و يلعن الشيطان إذا مخيلته إستذكرها.
العقل لا يحترم القلب في لحظات المحاسبة و لا يجامل حال الإنسان الآن في استرجاع شريط الحياة بعد فوات الأوان، مساحة كل قائمة و مدى إتساعتها هي ما تحكم تخلخل بعض نفسيات الأفراد في هذه الحياة سواء كانت إيجاباً أو سلباً.
الشخص الذي مساحته الرئيسية رحبه و فيها من المواقف الجميلة الكثير مثل الصدق و الوفاء و التسامح و عدم الأنانية، هذه الصفات تنعكس على حياته في إبتسامته و تقبل الآخر بكل أريحية، كل ذلك بعيداً عن الحسد و عدم حب الخير لأحد من أقرانه، حتى عن أبعد الناس عنه مهما كانت توجهاته و ايضاً حتى في جنسيته أو معتقده.
أما القائمة الهامشية فهي عكس الأساسية، ينطق الشخص الهامشي بما يحمله عقله الباطني من ترسبات تسبب له عسر الهضم و ضيق النفس بكل ما يصدر من أي شخص يقابله، زبد الشخص الهامشي يطغى حتى على مناحي رزقه و تيسير أموره في الحياة.
عندما يتقابل أشخاص من القائمة الأساسية فهم يصنعون النجاح و عكس ذلك في الهامشية، و كمعادلة الحساب و علوم الجبر فإن المتضادات تفشل النتيجة و لا تتساوى فيظهر الحسد و الفجور في الخصومة و النيل من الآخر من خلال وسائل مقيتة لا تحمد عقباها.
في كل الأحوال و مهما كانت ظروف الهوامش في حياتنا فإن الله سبحانه غفور رحيم شريطة التوبة النصوح التي تصفي الصحيفة أمام الله ثم الناس، توبة القلب المتلازمة مع التحكم في تصرف االعقل تعيد الإنسان الى القائمة الأساسية من الأخلاقيات و تجعله إنساناً يستحق الحياة الكريمة مثلما يريدها لغيره، فلا حسد و لا غيرة و لا الإقلال من قيمة الآخرين لمجرد نزوات وسوس له شيطان لا يريد له لقاء ربه بقلب سليم.
يقول الله سبحانه و تعالى في محكم تنزيله:
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ ۚ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )
