قيادتنا في المملكة العربية السعودية حفظها الله قيادة رشيدة و حكيمة و هي تقدم الصالح العام المفيد و غير متزمتة في تصوير الأمور، حكمة عالية و بصيرة، تحسب الأمور بقياس الشرفاء، مهما كان من يتعامل معهم كريماً و محترماً فقيادتنا أكبر في الكرم و الإحترام و لا يبلغ مراتبهم أحد.
المدرسة السعودية في بناء العلاقات الدولية منذ عهد الملك عبد العزيز طيب الله ثراه مدرسة سامية لا تدخل في مهاترات و لا تولد أزمات، حاسمة و ثابتة في رؤيتها لأحوال العالم، من حاول أن يتربص ناله الخسران و عواقب الأمور و التاريخ يشهد بذلك، سياسة هادئة تبلغ مرادها و لا ترضى الفجور في الخصومة.
المشاكل و الأحداث تحدث و هذه من سنن الحياة، دولتنا لا تقفل الأبواب بصد قوي و لا تتلاسن بسوء القول فالأيام كفيلة بالنفوس و المصالح بين بني البشر مستمرة، قد يشوبها بعض الركود لكنها لا تنقطع بالدوام.
الحراك و الشارع و الحوار و التغيير مفردات متداولة ظهرت كثيراً بعد فيروس الربيع العربي، إنتشرت ترنيمة تسليم السلطة للشعب، هذه السلطة لم يكن فيها خياراً أخضراً و لا حلماً أبيضاً، لقد صنع الشارع وجبة مشاعر لاذعة المذاق، مطالب وهمية و غير منضبطة يغذيها نشرات و تعابير مذيعي و محللي قنوات التلفزيون المشتتة للأذهان.
سارت جماهير الشوارع الضيقة و الميادين الحلزونية ، تركت رزقها بلا حساب و أطفالها بلا ملاذ و بيوتها لغارات اللصوص، بعدها تم إختطاف الجماهير الثائرة و تجنيدها عبر ميليشيات مسلحة مدفوعة الثمن من دول إقليمية مارقة دولياً، ميليشيات لبست فساتين السياسة الناعمة كتنظيمات مؤدلجة تطلق على نفسها المقاومة و التحرير، جعلت التعليم في معسكرات القتال فأخرجت قتلة، و سلبت الصحة من عيون النساء و الأطفال و أسكنتهم في خيام لا تقيهم سموم الصيف و لا تحميهم من رياح الشتاء، أصبح المستشفى المتعدد الأدوار عبارة عن سيارة إسعاف أو مركز طوارئ فقط و يموت في ممارته كل من دخل بابه الذي تغير لونه من الأخضر الى الأحمر و منه الى المقبرة إن وجد له قبراً.
هذا ما صارت اليه الأمور في عالمنا العربي، مختصر لربيع فاشل، إنطلى على العامة و ندم الكثير وتمصلح القليل، بكى الجميع على فقدان المتاع و الديار و حتى العواصم.
أما نحن في المملكة العربية السعودية فبحكمة ولاة الأمر رعاهم الله و تفهم و ثقة الشعب السعودي بقينا في هذه البلاد في أمن يسود و أيمان صادق في القلوب، ذلك و لله الحمد كان نتيجة وحصاداً لتماسكنا المتين و تحكيماً لمبداء التلاحم الذي انغرس منذ نشأة هذه المملكة الفتية، حملنا رايتها بكل ثقة و عزيمة من جيل الى جيل، شرفنا الله بالرسالة التي إنطلقت من أرضنا، حوت على ترابها مكة المكرمة و المدينة المنورة مركزا الهدي الرباني، أعزها الله سبحانه ثم رزقها بخيرة الناس في حكمها و بالعدل ستدوم لهم بإذن الله، لم نرى في بلادنا هذه المتغيرات المزعجة التي فتت الأمة العربية بين حكام لم يراعوا حقوق سلطتهم و بين شعوب مغضوباً عليها في السلم و في التغيير.
العوز و المال إختبار من الله أعطاها بحكمة، إن شكر و صبر الإنسان أغناه الله من حيث لا يحتسب، و إن عصى و طغى ذهب المال منه و حسرت حياته، و إن زادت حماقته ركبه الجهل فأعمى بصيرته و ركبه الشيطان و عند الله كل بثوابه في مثواه في جنة أو نار. و الله العليم الوهاب سبحانه.