يقولون دائماً أن ( الكبار كبار و الكبير الله سبحانه ) .. و الكبر في الناس ليس كبر السنوات ولا كبر النفس عن الآخرين .. و إنما كبر الأخلاق و الطموح و التفاني في خدمة إنسانية الوجود و التعايش مع من تقابلهم في هذه الحياة الفانية و التي هي سنوات معدودة أو أقل كتبها الخالق سبحانه.
و في حياتنا بين الأقارب و الأهل و مجتمعنا المحيط بنا عشنا أزماناً تعرفنا على شخصيات كان لهم الصيت الحسن منهم من رحل عن دنيانا و منهم بيننا نذكر و نمجد كفاحهم و مثابرتهم، يمثلون لنا قدوة في العيش الكريم الذي منحوه لهم و لأسرهم. هؤلاء الأشخاص قد نعرفهم عن قرب و قد نسمع عنهم عن بعد و لم نعش معهم و لكن أقوال الناس تسري عبر المسافات فيذكرون بالخير و الذكر الطيب.
من هؤلاء الرجال الكرام أسرة آل سعد في قبيلة حوالة و الذين كانوا يمثلون جيلاً مشهوداً لهم بالسيرة الحسنة و ما زالت أجيالهم المتعاقبة تتوارث هذه السمعة العالية، و لعل ما يستذكر الجميع في قبيلتنا رجل الأعمال الوالد عبد الله بن سعد بن عبد الله آل سعد طيب الله ثراه و رحمة الله علية و غفرانه.
كنت أسمع الكثير عنه في صغري و في شبابي من حيث أنه كان من أوائل من كسروا حاجز الغربة و صنع لنفسه إنجازاً لشخصه رحمه الله و لأسرته الكريمة و كان من المربين الفاضلين و قد يكون فيها شيئاً من القسوة و لكن رحمته بعد الله صنعت إخوة له و أبناء نالوا النجاح و السعة في الرزق بفضل الله الكريم ثم بفضل هذا الرجل المنضبط في تربيته لأبناءه و حرصه على التشارك في النتيجة المرضية مع أخوته الأشقاء.
قد لا أكون بالشخص المناسب للكتابة عن هذا الرجل الذي فقده كثير ممن حوله و لكنها سنة الله في خلقه، إحتفظت ببعض الصور التي وصلتني منذ فترة و أعجبتني لأنها تعبر عن مسير كفاحه و صبره و نجاحه، و لكي أكون منصفاً فقد إستعنت بالصديق و الأخ العزيز الأستاذ محمد بن حامد بورحين ليكتب متعاوناً عن هذا الفقيد من باب تذكره و للدعاء له منا جميعاً بالرحمة و المغفرة، و قد أرسل لي أبو عصام هذه الحروف التالية عن حياة الوالد عبد الله بن سعد لبيان و بشكل مختصر حياة هذا الإنسان الذي إرتحل من بلاد حوالة و عاد إليها بنفس الحب و لكن بطموحات كبيرة و مشرفة.
يقول الصديق و الكاتب أبو عصام :
فقد الوالد عبد الله بن سعد رحمه الله والداه في سن مبكر فتكفل برعاية أخويه صالح وجمعان، هاجر مثل ممن سبقوه لطلب الرزق خارج حدود المنطقه الجنوبية فذهب الى مكة المكرمه وجدة عمل فيها في عدة أعمال مهنيه تتوافق مع صغر سنه تحت رعاية و وصاية خاله المرحوم بإذن الله محمد بن جمعان ( المعروف بالشيبه ) – رحمة الله عليه – و إستمر فيها لعدة سنوات.
إنتقل الفقيد عبد الله بن سعد للرياض بعد أن أصبح متمرساً في قيادة السيارات الفخمة حيث عمل مع بعض كبار الاسرة المالكة متنقلاً بين مدن المملكه، الرياض جده و الطائف حسب المواسم الفصليه حتى إلتحق بوظيفه رسمية للعمل بوزارة الزراعة، وكان خلال هذه الفتره قد تزوج وزوج أخواه اللذان عملا معه كموظفين في نفس الوزارة و استمروا بالعمل فيها حتى إفتتاح المكتب الزراعي ببلجرشي ومن ثم تم نقلهم للعمل هناك.
بداء غفر الله له رحلته في ديار حوالة بالجمع بين الوظيفة و مزاولة الزراعة والحرث فعشق طيب الأرض و التعامل مع التربة وأعطاها جل وقته ونشاطه وأمتهن البستنة الحمضية من أشجار البرتقال و اليوسف و الليمون و المشمش و الرمان بالإضافة الى زراعة الخضروات بأنواعها التي لم تكن معروفة على مستوى المنطقة.
نجح في الزراعة نجاحاً باهراً و بحرفية زراعية متقدمة وكان يذهب بمنتجات مزارعه الى الطائف وجدة ومكة لتسويقها هناك واستمر به الحال لعدة سنوات وفي هذه الفترة كان قد إشترى سيارة ( شاص نقل ) ينقل بواسطتها المتسوقين من أفراد أهالي بلاد حوالة وخارجها ذهاباً وعودة من والى بلجرشي بشكل يومي مما وفر له رافداً مادياً استطاع من خلاله شراء عدة وسائل نقل ثقيلة لنقل الخرسانة والاسمنت ومواد البناء من جدة والطائف الى منطقة الباحة بالاضافة لتسويق منتجاته الزراعيه الفاخرة.
بعد ذلك ركز جزءاً من نشاطه في مدينة جدة و قام بدخول قطاع العقارات و التي عادت عليه بخير وافر بعد حين وكانت جميع الإنشطة والإستثمارات مسجلة باسم الاخوان الثلاثه عبدالله وصالح وجمعان حتى وصلوا الى حالة التقاعد وتقدم بهم العمر وتمت القسمة بالتساوي بينهم فيما جمعوه طيلة هذه الرحلة العمرية التي بدت من سن الطفوله.
ظل كلا من الإخوة الأحبة ينعم بمكتسبات هذه الرحلة حتى وفاته رحمه الله وكذلك أخيه الوالد صالح بن سعد رحمة الله عليه الذي لم يعمر طويلاً بعد وفاة أخيه عبدالله ولازال الأخ الأصغر الوالد جمعان بن سعد حفظه الله يرعى شؤون الأسرة بعد رحيل أخويه .. نسأل الله أن يمتعه بوافر الصحة و العافية وأن يجعله خير خلف لخير سلف. و الله الموفق.
الصور التالية ترجمة مصورة لما ورد أعلاه.