مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / التقاعد … و فصول حياتي

التقاعد … و فصول حياتي

بدأت طقوسي اليومية تميل الى التهيوء لمرحلة جديدة من حياتي و هي مرحلة التقاعد رغم أنني لم أبلغ بعد سن الستين إلا إنني إخترت ترك العمل في الخامسة و الخمسين طمعاً في تحرري من قيود أوقات العمل و إرتباطاته و إعطاء وقت أطول لأسرتي التي ضحت و دعمتني أكثر من ثلاثين سنة أثناء حياتي العملية بكل تفانٍ وصبر. قد لا تتحقق الأحلام و قد لا أوفي الحق كاملاً و لكنها مرحلة عمرية سأعيشها مثل ما كُتب و قُدر لي من العليم البصير.

دائماً أتذكر مولدي كمخلوق  و تاريخه يوم التروية إلا أن هناك أيام ميلاد أخرى  لنفسي لا أتذكر تواريخاً محددةً لها,  شكلَت بين كل مرحلة فاصلاً في حياتي  تغير فيها نمط العيش و الهدف.

تصورت فصولاً أربعة في حياتي,  فاصل أول حين دخولي صفوف الدراسة و حصولي على شهادة تعليم الى فاصل حياتي العملية الذي أوجده الخالق لي كمصدر رزق و يعقبها ماأنا فيه من فصل التقاعد, منتظرا فصلاً أخيراً قد يكون قريباً, أعانق فيه سكرات موتي لتُكتب نهاية ميلاد دنيا, متعشماً في جنة من لا تضيع ودائعه.

لا شك أن هذه التجارب أعطتني مقياساً من الحكمة في هذا السن المتقدم  مقارنة بما كنت في مطلع العمر  خاصة في ظل الإلتزام بالقيم و الإيمان الصادق بما علماني والديي غفر الله لهما  في طفولتي و في شبابي من غرس لمبادئ و تعاليم ديننا الحنيف. كل ذلك أوصلني بمشيئة الله الى  زمن أستطيع أن أقدم إجابات مقنعة كفلسفة لهذه الحياة و عن تجاربي فيها.

في إعتقادي المبدئي أن التقاعد هو مرحلة مثالية من الحياة لإنعكاسات فلسفتي الخاصة  التي تكونت عبر حياة بلغت بها السنين حتى هذا العمر, جمعت فيها تصوراً عن نفسي  و عن هذا العالم الذي عشت فيه.

كنت في مواقف أستطيع التحكم في معطيات الحياة و أحيانا أخفق في التقدير  و لكني تعايشت معها. كان في حياتي مناطق رمادية لم يستطع عقلي و إدراكي أن يتكيف معها و هذه حكمة الله. تركت خلفي تجارب مختلفة التضاريس و المناخ و ما ترتب عليها من تغيير في مسالك حياتي و حتى نظرتي في كل مرحلة الى : ماذا تعني الحياة؟

سأظل كما بدأت و دوما في حياتي شاكراً حامداً لله سبحانه ثم لمن رعوني و من ساعدوني على أن أقطع هذه الرحلة بكل ما فيها من أفراح و أحزان و من نجاح و فشل,  أستغيث بذكراها و عناوينها في وحدتي و في ضعفي. و تبقى تفاصيلها قصة لإنسان عاش في هذا الكون الفسيح و لم يرى منه إلا جزءاً يسيراً , حاول أن يعيش فيه سعيداً و يسعد غيره و يتمنى أن يبقي له أثراً حسناً يتناجى به من أحبوه و من بكت دموعهم عند فراقه.

 

 

 

 

 

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …

اترك تعليقاً