هذه الشهادة التقديرية حصلت عليها أثناء دراستي في مدرسة الرياض الثانوية عام ١٣٩٥ هـ ( ١٩٧٥م ) و قد يستغرب البعض ممن يعرفونني جيداً أو من سمعوا كلاماً منقولاً أن أكون في يوم من الأيام عملت في نشاط التوعية الإسلامية حيث أنهم يعلمون توجهي و فكري الغير مرهون بأشخاص أو جماعات و بما آلت اليه أمور بعد ذلك. أنا هنا لا أنكر إلتزامي بديني و عقيدتي التي أومن بها إيماناً عميقاً لكن فيما بعد أصبح هذا النشاط مشبوه لدى الكثير و تلاها عندما أصبح الإرهاب مرتبط ( ببعض ) أنشطتها.
أعود الى الشهادة و أعلم أن هناك أسئلة تحتم علي الإجابة عليها و خاصة ممن قد يذهل أو يشكك في إيماني .. و على طريقة المحققين .. ما هو النشاط ؟ بمن تأثرت ؟ و لماذا لم تستمر ؟
أقول و بالله أستعين بأنني لم أكن محدثاً أو إماماً حتى أحصل على هذا التقدير و هذه الشهادة كبيرة المقاس التي واجهت صعوبة في نسخها بالماسح الضوئي . مختصر القول أن الشهادة هي مكافاءة ورقية لنشاطين أساسين قمت بهما : الأول عملت “ مطوعاً “ في المدرسة .. أدعوا و مجموعة من الطلاب الأعضاء في جمعية التوعية الإسلامية الطلاب المتأخرين عن صلاة الظهر و تحفيزهم على السرعة و عدم التأخر عن الصلاة، أما الثاني فعملت “ مرافقاً خاصاً “ لشيوخ الدين و العقيدة عندما يأتون الى المدرسة في أخر يوم من الإسبوع لإلقاء محاضرات الى الطلاب، مرافقاً لهم من سياراتهم الفارهة الى ساحة المدرسة و عوداً كجزء من نشاط الجمعية.
أما من تأثرت به فكان شيخ جليل فاضل يدعى الأستاذ ابراهيم الدوسري رحمة الله عليه، كان يدرسنا مادة الفقه الإسلامي و كنت منذ المرحلة المتوسطة و أنا محب لمادة الفقة لما فيها من سعة في التفكير و المنطق الرباني الذي لا ينفصل عن التجديد و البحث المستمر. إختارني الأستاذ إبراهيم لأكون عضواً في جمعية التوعية الإسلامية لإعجابه بمستواي في علوم الدين رغم أنه يشهد في هيئتي أنني قابل للإنسحاب لكنه من باب العشم أراد أن يحاول. فيما بعد سمعت أخباراً غير سعيدة عنه فدعوت له بالرحمة لما علمني ما قد أقنعني به من خير و ما لم أقتنع به فقد تركته عند باب المدرسة.
بعد شهرين من إنضمامي للجمعية، أصبحت الأمور مملة بين الطواعة و بين المرافقة ، تحدثت الى الأستاذ ابراهيم في أني أرغب أن أكون مذيعاً و أقدم الفقرة الإسلامية في إذاعة الصباح المدرسية و لكنه رفض بحجة و جود طالب مخصص للإذاعة و تتطلب مواصفات معينة معظمها لا تتوافر في شخصي المتواضع. إضطررت للإستمرار حتى نهاية السنة حتى لا تتأثر دراجتي مع مدرس المادة و بعدها نسيت الجمعية .
أذكر ما سبق لأن هذا حدث قبل حادثة الحرم عام ١٩٧٩م ، حدث أيضاً قبل ما يسمى بالصحوة في الثمانينات .. حدثت كلها بمعطيات الزمن الذي مضى لكنها بنفس قصير و ضوضاء عالية، لم ترحم و لم تقنع .. أصبحت سراباً .. و بقي الدين القويم يعرفه أهله و يعرفهم الله.