من جميل الصدف أن تكون إقامتي مع الإبن عبد الله في لندن في هذه الأيام متواكبة مع حفلة فنان العرب محمد عبده و الذي أعلن عن موعدها في ١٨ اغسطس بعد تأكيد حجوزاتنا في مايو الماضي .. فكانت أول مهمة بعد وصولنا هو حجز تذاكر الحفل و ذهبنا في اليوم الثاني الى فندق Grosvenor House و الذي سيقام في صالته الفخمة الحفل الكبير على شارع باركلين ، القاعة تبعد مسافة قصيرة من فندقنا الذي نسكن فيه .. و رغم إرتفاع أسعار التذاكر فقد قمنا بشراء فئة الدرجة الأعلى VIP و التي تتضمن طاولات أمامية مع خدمة العشاء .. ذلك ليتسنى لنا رؤية ” أبو نوره ” عن قرب و كم هي مرضية بحجم و كبر الهرم فنان العرب و الذي عشت على صوته أزمنه و ذكريات لا تنسى و عشقي له و لفنه الأصيل لا يقدر بثمن.
استعدينا و إبني عبد الله البارحة للذهاب بملابس تليق بمكاننا المخصص في الحفل و توجهنا في حوالي الساعة الحادية عشر مساء بتاكسي لندن لكي لا نفسد أناقتنا و لا تذهب رائحة العطر سريعاً رغم قصر مسافة المشي ..
دقيقتان و وصلنا موقع الحفل و أستقبلنا إستقبال كبار الزوار و توجهت بنا سيدة الإستقبال الى موقعنا المخصص و على الطاولة شموع تضئ برومانسية عالية و مختلف المشروبات الباردة الحلال تنتشر في منتصفها .. و بعد سؤالنا من قبل الجرسون الإنجليزي و التي كانت أناقته تضاهي كبار الزوار عن موعد تقديم العشاء و القهوة الساخنة .. تفضل علينا سيادته بالعشاء و القهوة الساخنة و الحلويات التي تعطينا طاقة و لياقة لمواصلة السهرة و هي في مثل هذه المناسبات عادة ما تقفل عند الساعة الثانية عشر منتصف الليل اي قبل ظهور فنان العرب بدقائق ..
كانت الصفوف الأمامية و التي تضم كبار الزوار مكونة من عشاق محمد عبده من رجال الأعمال و سماسرة الفن و في مقدمتهم سامي الهندي مدير الحفلات في روتانا و ضيوف منظم حفلات محمد عبده في لندن السمسار محمد جاد.. كما يضم هذا القسم الفاخر بأعضائه عناصر نسائية من و جهاء المجتمع المخملي الخليجي و العربي و أهل الفن من ممثلات و مذيعات شهيرات، لم أكن لأتعرف عليهم الا من خلال وجوههم و من مشاهدتي لبعض البرامج و المسلسلات الخليجية التي تعرض على تلفزيونات الخليج .. كانوا في أرقى ملابسهن و كانوا يشكلن أكثر من نصف الحضور .. أما على الطاولات التي خلفنا فلم يكن مختلفاً الفرق في بيان الثراء و الثروة .. الى جانب الشباب و الشيوخ العاشقين لصوت فنان العرب كان العنصر النسائي مسيطراً من خلال العوائل الخليجية و العربية .. أما في الخلف و في الطابق الأعلى فكان شباب الخليج متواجداً بقوة و هم أضفوا على الحفل أجواء خاصة لا تختلف عن ما نشاهده في مدرجات الملاعب من طلبات لفنان العرب لأغاني معينة أو تعليقات عالية الصوت تشجيعية لأبي نوره.
و رغم الحضور الذي كان يتنامى ساعة بعد ساعة فإن مستوى الأمن ورجال الأمن البريطانيين الخاصين في القاعة عالي الحس واستطاعوا ضبط الحضور تنظيماً و سلوكاً في كل أرجاء القاعة و لم يستطع أحد الإقتراب من خشبة المسرح حتى للتصوير او لأخذ صور خلفية سلفية .
بعد منتصف الليل بعشر دقائق إعتلى فنان العرب محمد عبده خشبة المسرح و هو في كامل أناقته الإفرنجية ليقابل بترحيب كبير تعود عليه ” أبو نوره ” منذ زمن طويل .. و بدأت الايادي ترتفع لتلتقط فلاشات السلفي و التصوير لهذه اللحظة .. كان الزمن الماضي يكون الترحيب بالتصفيق اما الآن فإن إرتفاع الجوالات و الصفير هي الترحيب .. و عندما كلت الأذرع بداء التصفيق و الترحيب كل على طريقته .. و من ثم تعالى الشجن مع صوت فنان العرب و طرب و أطرب و تغنى بأكثر من إثني عشرة أغنية بين الجديد و القديم .. لم تتوقف سنابات الحضور عن توثيق كل لحظة و لم تتوقف الشفاة و الأصوات الخافتة عن ترديد ما يشدو به هذا الفنان المميز و الذي لن يكرر التاريخ مثله في شده للإنتباه فهو صديق الحياة و الذكريات الجميلة و كان كل حاضر ينظر إليه كأخ للرجال و النساء البالغين لازمهم بصوته و أغانيه العذبة طيلة حياتهم و هو شي واقع لا يمكن إنكاره ،و كأب للشباب و الشابات لعمره الذي يتجاوز الستين لكن روحه الصافية و صوته لم يشيخان و ظل يطرب الكبير و الصغير من كل جنس و كل جنسية في كل مكان و زمان.
خلال الحفل إنبرى الابن عبد الله بممارسة هوايته في إلتقاط صور السناب و مشاركته لأهله و زملائه كبث مباشر من موقع الحفل .. و أنبريت أنا بتصوير الحفل كاملاً بواسطة كاميرا القوبرو و التي سأقوم بمنتجتها و رفعها على قناتي في اليوتيوب إضافة الى تصويري سنابات خاصة كتجربة أولى و التي تم تشجيعي على الاستمرار فيها.
إنتهت الحفلة حوالي الساعة الرابعة صباحاً و غادرنا القاعة و الناس مجتمعون عند بوابة الفندق كل في وسيلة مواصلات إن كانت سيارات فارهة خاصة أو تكاسي لندنية أو حناطير ممن صعب عليهم الحصول على مواصلات … إخترنا كغيرنا ممن يسكن حول المكان أن نمشي في صباح بارد و هواء منعش الى الفندق و الذي لم يأخذ منا أكثر من ربع ساعة ..
وصلنا الى الفندق و نحن في قمة النشاط و الحيوية من حيث أننا قضينا أمسية رائعة باهضة الثمن و لكنها ستبقى في أذهاننا كذكرى مميزة و لقاء ممتع صاخب بكل الأحداث مع حفلة فنان العرب محمد عبده التي مرت سريعاً و لكنها تبقى طويلاً في ذاكرتنا.