مواضيع منوعة
الرئيسية / صـور / أهالي حوالة و الحميد يشعلون ليل الخرج بفرح و موروث شعبي مشوق ..

أهالي حوالة و الحميد يشعلون ليل الخرج بفرح و موروث شعبي مشوق ..

رغم فارق الزمن منذ آخر زياراتي الى مدينة الخرج منذ عشرين عاماً إلا أنني وافقت البارحة على صحبة الأخ الأديب سعد الله بن عبد الرحمن و الأخ سعيد بن صالح بن جمعان و هو الذي كان يشدني لزيارة الخرج مع أخيه الأكبر سعود بن صالح في الزمن الجميل عندما كانت الخرج مدينة وادعة هادئة تحفها البساتين و أظلة النخيل .. شجعني الأخوة على مرافقتهم رغم أني لأحبذ حضور مناسبات الزواج في منطقة الرياض و التي تبدو كلاسيكية جداً و معظمها لا تفرق بينها و بين مناسبات الدعوة الخاصة للعشاء و أخرج منها و أنا لا أشعر بأي فرح يشعشع في المكان فيبدو لي العناء ليس مساوياً فكيف أن أذهب مشوار ساعة بالسيارة لمناسبة فرح لأكون جزءً من ديكور المكان فقط بدون مظاهر للفرح.

البارحة كانت ليلة مختلفة و غير عادية و تجاوزت توقعاتي فقد أبدع الأخ الكريم الداعي الأستاذ القدير و الرجل الفاضل علي بن محمد الليلان الى حفل زواج إبنه محمد بأن يجعل ضيوفه في قمة الفرح و السرور و كأنه لم يحتفل بفرح إبنه فقط و لكن بمن حضر من أهالي حواله الأوفياء و من شرف من أهل العروس و هم رجالات و أهالي بلاد الحميد في منطقة الباحة و في مقدمتهم والد العروس الشيخ صالح بن إبراهيم آل عجير الغامدي.

كانت إحتفالية نظمها والد العريس “أبو محمد” و أبناءه و إقرباءه الكرام و في مقدمتهم الأستاذ صاحب الذوق الرفيع في الملبس و المبسم و روح الشخصية العالية أحمد بن محمد البجادي عضو المجلس البلدي في محافظة بلجرشي و هو خير من يمثل أهالي بلاد حوالة و كانت بصمته المتحضرة في برنامج الحفل واضحة و جلية.

منذ دخولنا الى قصر الفرح أحسسنا بأن ليلة جميلة تنتظرنا فالمكان أختير بعناية و مظاهر الإستقبال البروتوكولية في مثل مناسبات صلة الأرحام بين قبائل الجنوب تجري بإنتظامية عالية من إستقبال مشرف لأهالي بلاد الحميد الكرام و الذين كانوا طيلة الليلة هم و أهالي حوالة في أعلى درجات الإبتسامة فلم أحس من خلال مشاهدة الوجوه بأي شي من التحفظ في اللقاء أو مبادرة الإبتسام و الكلام .. فأكرم بهم من رجال شيوخاً و شباباً .. كان التفاعل عالياً و لم يكن للأسماء مكان و إنما كانت القلوب الصافية الملئية بالإحترام المتبادل هي الطاغية طيلة ساعات الليل الذي مر سريعاً.

بدءت الإحتفالية بآي من الذكر القرآني الكريم أضفت على المكان و الحضور بركة للمناسبة بما يرضي الله سبحانه و تعالى و تلاها دخول العريس و السلام عليه ثم ألقيت قصائد شعرية شارك فيها الحضور حتى أن معد الحفل سمح لشعراء من مختلف الأجيال البالغة المتمرسة و المستهوية و الشابة و لطفل صغير أن يلقي قصيدة ترحيبية و هذا يحسب لراعي الحفل و يحسب أيضاً لمن ألقاها لطيب مبادرته و دعمه بالمشاعر الجميلة التي تعبر عن أواصر الأخوة و المباركة لأهل العريس و العروس.

بعدها و بإنسيابية راقية دعي الحضور لتناول وجبة العشاء و التي كان فيها طيب الكرم المحبب و التنظيم الجيد بدون تبذير و إسراف و كان الجميع كباراً و صغاراً على موائد مرتبة لا ترى التدافع و لا التهافت و أعجبني ما كنت آراه من خدمة الشباب لكبار السن و خدمة الأخ الأكبر للأخ الأصغر فقد كانوا مثالاً جيداً ـ و بدون تكلف ـ لأخلاق عالية تبهج الروح و يطلق العنان للعقل و القلب بأن الدنيا لا يزال فيها من يكرم و يحترم فبالمحبة و الألفة و الأخلاق الحميدة ترتفع و ترتقي بالمجتمعات.

بعد أن كان أول الليل تهيئة للمشاعر و مقدمة لتعزيز أواصر القربى في إطار رسمي .. بدء ليل التعبير عن الفرحة بدق طبول الفرح و إعلان المناسبة ليسمعها حتى من كان خارج القصر .. بدء معه إحياء الموروث الشعبي الجنوبي في مثل هذه المناسبات و هي العرضة الجنوبية .. شجع الشباب الشيوخ فتناغمت أرجلهم و جوارحهم .. و أبعدوا التكلف و الهمس الى القصائد العالية و المحفزة .. و كانت السيوف تعانق العطفان و الأكتاف بالإكتاف .. فالصوت لم يعد همساً و ألم الأرجل لم يمنع من إرتفاعها و دق الأرض بقوة .. فأصبح الشيوخ شباباً تحلوها الإبتسامات مستذكرة أيام الشباب و الأهل الأوائل .. أبت الفرحة إلا أن يلقوا ببشوتهم على أرائك القصر و يشاركوا .. و تشجعت معهم كميرات الجوالات لتشاركهم و ينتشون مع كل لقطة .. هم يعلمون أن هناك من سيرونهم لاحقاً عبر رسائل الواتس في هذا المنظر البهيج فتزداد نشوتهم بعد أن كانوا يرونهم من فوق الأسطح و النوافذ و تنتهي معها اللحظة.. سيراهم بعنفوانهم من ذوي قرباء فيبهجون لبهجتهم .. جميلة هي الصور و جميلة هي الفرحة في معرض الرجولة و الموروث الشعبي الذي نفخر به و الذي سيظل باقياً و رمزاً للسرور و للرجولة و للبقاء مهما حاول البعض أن يخفيه و من لم يبقي على إرثه و موروثه فالتاريخ لن يبقيه.

شكراً “أبا محمد” على هذه الليلة التي فرح فيها بإبنه و أفرحنا معه فسماحته غيرت قناعاتي و بدلت ترددي بإقدام و فخر لأبناء قبيلتي حوالة و من ناسبهم .. و شكراً لكل النجوم التي حضرت و أشعلت الليلة بمشاعل الفرح و التبريك .. و أخص بالذكر الأخ أحمد البجادي ( أبو بسام ) و محمد بن حامد بن بروحين ( أبو عصام ) و الذي كانا محفزين و مبادرين بإشعال هذا الفرح .. كما أتقدم للعريس محمد الليلان بالشكر لأنه جعلنا نفرح معه و ندعو له بالتوفيق و الحياة السعيدة و الرفاة و البنين ..

البارحة كانت ليلة لا تنسى في ذاكرتي و قد كنت متردداً في تسجيل هذه اللحظات و لكن أصابني ما أصاب من حضر بالنشوة فسجلت هذه الحروف و الصور لأنها ذكرى عزيزة و محطة رأيت فيها أحباباً و كراماً طال الفراق بنا فكانت هذه الليلة المباركة .. أدام الله أفراحكم جميعاً .. من حضر و من قرأ و من عتب علي في الإطالة.

IMG_5145IMG_5238IMG_5228IMG_5272IMG_5271IMG_5139IMG_5141IMG_0060IMG_5142IMG_5143IMG_5219IMG_5223IMG_5225IMG_5226IMG_5227
IMG_5237IMG_5242IMG_5247IMG_5248IMG_5249IMG_5253IMG_5256IMG_5208IMG_5176IMG_5151IMG_5154IMG_5155IMG_5164IMG_5166IMG_5172IMG_5180IMG_5197IMG_5201IMG_5204IMG_5209IMG_5211IMG_5217 (1)IMG_5239IMG_5257IMG_5267IMG_5274IMG_5282

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …