محمد علي كلاي .. ملاكم الزمن الجميل .. الى رحمة الله

عشقنا للرياضة في أيام الزمن الجميل في الستينيات و السبعينات لم يكن يتعدى كرة القدم و الألعاب المدرسية الشعبية مثل لعبة كرة السلة و الطائرة و اليد و ألعاب الجمباز .. لم تكن رياضة الملاكمة تستهوينا و لم نسمع بشدة الضرب باليدين إلا عند خروجنا من المدرسة و حدوث بعض المناوشات التي تستخدم فيها الأيادي .. لم تكن مفردة الملاكمة شائعة رغم تأصيلها اللغوي .. و لم يكن اللكم برفع اليدين و إخفاء الوجه و الدوران و الرقص الخفيف إلا بعد أن عرفنا بطل الملاكمة العالمي الأمريكي محمد علي كلاي .. كانت تنقل مباريات كلاي على شاشة التلفزيون السعودي بعد أيام من حدوثها و تتصدر إنتصاراته الأخبار الرياضية و كانت قصاصات الصحف و المجلات و صوره عليها تغطي داخل المحلات التجارية و المقاهي و المخابز الشعبية .. كما أن شباب ذلك الزمن إعتاد أن يلصق صور الملاكم العالمي الأمريكي المسلم فوق أسرة نومهم و في دفتر ذكرياتهم ..

لم تكن تلهمنا رقصاته فوق الحلبة و ضرباته اللاسعة كالنحلة بالعنف و البطش و الحقد .. كان رقيقاً قوياً و بسيطاً في نزاله .. و كان يحب تعابير و مفردات التحدي الشريف و الإستعلاء بأنه الأقوى بإذن الله لأنه يملك عزيمة نادرة و روح حببتنا في اللعبة رغم قساوتها و تطاير الدماء فيها .. دماء لم تكن تجعل منا قتله أو حب لرؤية الدم و لكنها كانت تمثل كيف يتصارع الرجال في لعية حببها كلاي للناس تحت روح القانون و إطاعة أوامر الحكم بالإنفصال أو الإلتحام أو حتى بصيحات الإنتصار..

كان أصحاب الشهرة و الميزة الإجتماعية في الزمن الجميل مدارس في الرياضة و الأخلاق و العمل الجاد الذي يخدم مناحي التنافس الشريف .. كانوا قدوة كل في تخصصه و لذا إنغرس حبهم في جوارحنا على مدى السنين رغم إعتزالهم أو رحيلهم ..

كان محمد علي كلاي عظيماً على الحلبة و عاش محبوباً من كل البشر على وجه الأرض بمختلف جنسياتهم و مذهبياتهم .. ظل كبيراً في أعيننا وسيظل جزء من ترانيم حياتنا و ذكرياتنا الجميلة .. رحم الله محمد علي و أسكنه فسيح جناته و غفر له ..