تجاربي و أحوالي مع كل الناس الذين قابلتهم في حياتي هي محطات متلاحقة ، مغبر بعضها و يتراكم عليها مما خلقت منه و لكني أنظفه بحذر، و مشرق بعضها في حياتي و لكني أحاول إقناع نفسي بأنه ماضٍ ذهب، و البعض القليل أتندم عليه و أقول أنه قدري و هو ما كتبه الله .. و لله في خلقه شؤون.
و كغيري كان لي في كل محطة و مرحلة من عمري شخوصها و أهلها و قد يتقاطع حضورهم بين مرحلة و ما تلتها، هم شخوص أحترمها و أقدرها مهما كانت مصادر و كثافة الخير و الشر، أحترمها لأنها عاشت معي لحظات من قصص حياتي و أقدرها لأنها كشفت عن ما بداخلي و ما بداخلها.
و أيضاً كغيري من الناس الذين عرفتهم فأنني عندما يحين وقت نومي و رأسي على وسادتي و خدي على راحة يد جنبي الأيمن و شفاي تنطق بما أمر به رسولنا الكريم، تبقى عيناي مفتوحتان لوهلة تطوف في أرجاء غرف قلبي الخمس، ففي غرفة خاصة يتهادى الي بروازان فيهما طيف و ملامح والديّ رحمهما الله فأدعوا لهما، وفي الغرفة الثانية ظلام دامس ما عدا أصوات لأناس عرفتهم فتهبط حواجبي، أما في الثالثة فأرى من أود و أحن اليه فأحمد الله على نعمه و في الرابعة أجد نفسي بأفراحها و أتراحها فأبتسم للحياة.
يقودني عقلي الى الغرفة الخامسة التي دائماً ما أمارس فيها برجوازيتي و نرجسيتي، فيساعدني عقلي في تحفيز خيالي و تفجره بما تتمنى النفس و ما ترغب، فتارة يجعلني لاعب كرة أسجل هدفاً خرافياً في مرمى الفريق المنافس و أخرى يلبسني بدلة “السموكن” و يجعلني مبعوثاً سياسياً لحل مشكلة سوريا و ميانمار فأنجح فيهما و أتعين أميناً عاماً للأمم المتحدة. .. أقضي ثوانٍ على طريقة ( تمنى يا عنتر ) حتى تطبق عيناي و أسترسل في النوم.
و في غفوتي و سباتي يقتحم عقلي المغيب غرف قلبي و يبعثرها و يخلط الأحداث و الشخوص و الزمن و حتى قوانين الخلق، و يبث لي فيلماً خيالياً أكبر و أعظم من فيلم “أفاتار” .. يمزجها بمؤثرات صوتية و مخلوقات غريبة و كبيرة تجعلني أحاول الصراخ أو أن أصيح فعلاً من غير وعي .. ها قد إستباحني عقلي و أنا في سباتي فكيف بكل الناس.
يتركني بعدها عقلي المغيب ليرتاح جسدي بعد شحنة الرعب القصيرة و المؤثرة على الأعصاب و التي تجعلني أبحث عن تفاسير أحلامي لاحقاً و أنشد الحذر. أصحو في الصباح على صوت من أهلي “ ترا ما فيه خبز “ .. و بعدها وجدت كل الناس الذين عرفتهم واقفون في طابور المخبز ..!