ظنوننا الظاهرة هي مخاوف دائمة، نحاول أن ننسج أوهاما لعلها تعكس المنطق لنتعايش معها كافتراضات تريحنا عندما يأتي المساء أو بالأصح وقت النوم، نبني ظنا حسنا بعيدا عن واقعنا ونحن يقظون، نجعل الأوهام مسلكنا فنبسط لها قلوبنا.
أغلب الناس يستندون على أن الأوهام كذبة، والقلة تخترع لها وهما تجادل فيه وتسوقه كبديل لحالة الانعزال، ثم تتحول إلى اعتبارات يؤجل فيها الخلاف والتوافق حتى إشعار آخر.
قد نلجأ إلى صنع الوهم باختيارنا وتتراكم معه أسباب عتيدة، ربما مؤقتة لكنها تتحول إلى مزمنة، نشعر بالهزيمة وقسوة الحلول عند ظهور النتائج المرة، كما أن ذاتنا تصبح منقوصة من حجم الأوهام وكثرتها فنفقد التعامل معها، نصبح في منطقة مظلمة ونحن في حالة ضياع ندور في محيطها.
إن غياب المعنى العميق والتفكير السليم يدخلنا تحت سيطرة الغرباء وأصحاب القداسة الهدامة، فنفقد حرية التفكير ونكون مستسلمين لحالة اليأس والبؤس، نقيم الوضع فنجد أننا في مشكلة كيف نفرق بين الوهم ونقيضه الحقيقة في وعينا وتصوراتنا.
التركيبة الموجودة في عقولنا أن نصدق فقط الواقع في الصورة الظاهرة بالحواس التي وهبها الله لنا، نجتهد في الحكم التصوري لها، كل ما لا نعرفه له جوابا وهناك أسئلة صعبة الطرح عصية على عقولنا…
وفي ثقافتنا الاجتماعية العامية الكثير من الأوهام المغلفة بنزعات الشياطين وقصص الجن والأعراف المبطنة بالتأويل الأعمى، نسعى بالاجتماع التصالحي ولكن نبعده بتصلبات الرأي والسيطرة على الآخرين، نبحث عن الزعامة في أن نكون من أسياد القوم فنفرق ولا نؤلف، ونوهم ولا نصبو إلى معالجة أمور الوهم.
أفضل الطرق للتحرر من الأوهام هو إبعاد الشك والظنون، ونعلم أن صاحب الوهم لا يعرف أنه واهم فلا نحاول مجاراته… الوهم هو أعلى درجات التخلف الإنساني لأنه لا يرتبط إلى حقيقة الحياة وهو ثقافة راكدة وعمياء، لا تعترف بالأخر، ولذلك من النادر أن ننتصر على من يبني الأوهام لأنها معركة خاسرة مع عقل فريد متجمد وعلينا فقط عدم تصديقه…