مواضيع منوعة
الرئيسية / علمتني الحياة / رواية لا تصدق

رواية لا تصدق

لم يكن يتصور الراوي أنه أثناء صلاة الجنازة على والده أن يكون من بين الصفوف الأولى من كان يتلو من غير حس وأن يكون دعاءه عكس ما كان يحلم به الراحل .. كان اليوم التالي يوم التصويت وكان قد علم أن من يقول له نعم فسيتم إخراجه من الملة.

يومها تم خلط الأولويات بشكل متقلب .. وبدأت رحلة التخلف الى وضع جديد وتشكل اليسار  بكل قوانينه المتطرفة … رفع البائس خطابه المتسلط وشكل شبكة حلزونية شيطانية ليسقط المنبر الشريف ويبني منبراً مفصلًا على مقاس أمانيه، وصفق له الكثير وأنهى علاقته مع كبار رجالات القصر.

كان العجوز الذي لم يحضر الجنازة يقف خلف المشهد يرقص رقصة الخبثاء المتمايلة بخنجر فضي يلوح به كعادته القديمة.. تحف به نساء وأطفال ذاك البيت الذي لم يكن فيه العجوز سيداً .. رقصوا استعداداً للشماتة الطويلة على بقية أهل البيت المقابل، فقد تسلم الخائن البائس زمام الأمور وبتصويت من باعوا الذمم.

كان العجوز يريد أن لا يبقى للراحل ذكرى منزل إلا وباعه في سوق رخيص، ولا بناء إلا وتهدم، حتى قبر الراحل يتمنى أن يمحى بلا أثر أو شاهد، وما تبقى سيتكفل البائس بطمعه أن يسلب التاريخ والجغرافيا.

حكاية من حكايات الزمن الذي رحل منه أهل الوفاء .. شعر صاحبنا الراوي أن الجرح غائر وأنه لن يندمل، لكن لا شيء يفسد نفسه من الداخل كما أفسد غيره، ليس هو لوحده لأن الكثير واجهوا المصير والقدر نفسه.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

صحف مطوية

في سنوات سابقة من حياتي كنت استمتع كغيري بنعمة قراءة الصحف والمجلات المطوية التي كانت …