أعرف أناس في حياتي غرباء أو قرباء لا يعرفون من القراءة غير الحروف المكسورة ومن الكتابة غير الحروف المتقاطعة، ومع ذلك عشت معهم عرفوني وعرفتهم، تحملت كسرهم وسلكت بكثير من الحذر تقاطعاتهم، وصلت الى نقاط أتفق معهم فيها فتناقضت الحروف مع الجمل الواقعية، واختلفت معهم في ثوابت التنظير فتبعثرت الحروف في زوايا المثالية والمباهاة لتصبح أوهاماً كلامية لاتفهم ولا تكتب.
لا أجعل من نفسي ” كامل الأوصاف ” فما من إنسان الا وله جوانب مشعة وجوانب أخرى معتمة .. لكن المحير كيف يميز البشر هذه الجوانب وماهي المحصلة النهائية للوصف .. هذه روشتات بعثرتها بين الغريب والقريب يصار بها كتحاليل نفسية وفلسفية تحمل روح التجربة والحكمة، ممكن أن تنتهي الى وصفة مختصرة أعطيتها لمن عنيت بها.
# قريب من البشر من يتسامى بغرور في نفسه ويتعالى على غيره بحزمة مبادي لا يعمل بها.
# غريب من البشر من صوته يخرج من أنفه ولا يحسن النطق من فمه.
# قريب من البشر من يمشي على عصا بعد عمر مضى فيه قد عصا.
# غريب من البشر عنه تسأل فيهرب للظل حتى يمل ثم ينسل.
# قريب من البشر من يبدو خاشعاً في هيئته خادعاً في نفسه منافقاً في مسلكه ثم يموت فندعو له بالجنة.
# غريب من البشر من يقول ماشاء الله وفي القلب حسد، ويقول الحمد لله فرحاً بمصيبة غيره، ويقول لنا الله وفي النفس مرارة.
# قريب من البشر يفند الإدعاء ويقصي الشهود ويتهم القاضي ليصبح عنوة هو الشاهد الوحيد والمدعي عن الجميع والقاضي الحكيم بحكم هواه.
# غريب من البشر من يشكك في أنفاسه ويمتعظ في ابتسامته وهو دوماً في تحد مع قلبه.
# قريب من البشر من يظن أنه هو الخير كله وما سواه وما علاه وما دونه هو الشر.
# غريب من البشر من يستشهد بالمتنبي ويتعفف كالشافعي وعندما يتحدث يصبح مثل مسيلمة.
# قريب من البشر من يتأوه فيستأسد في خياله وفي غمرة الحدث يتحول الى نعامة.
وأخيراً ليس هناك فرق بيني وبين الغريب والقريب فكلنا بشر وكلنا من مصدر واحد وهي الخطيئة الأولى التي فرقت ومازالت عواقبها وبقيتها تنال من كل إنسان الى يوم الدين.
دمتم جميعاً بخير وعافية.