مدونة عثمان بن أحمد الشمراني كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة
الشعر في ديار حوالة ومثله في معظم بلاد الجنوب عنوان دائم بين متمرس ومتذوق، ينطلق الشعر من طبيعة الحياة في نفس كل ساكن في أودية وشعاب وجبال المنطقة، يتبلور في مجالسهم وفي مسافاتهم بين كل الأماكن، تلمسه في المدح وبيان مكارم الأخلاق وفي إظهار المسرة والحزن، للحكم و المآثر فيه عجوز وصدور، وفي الغزل له سكون القلب وعفة المقاصد، كل ذلك في الشعر الذي عجزت الصدور أن تخفيه ولا الحناجر أن تبديه سراً.
الشاعر الأستاذ أحمد بن صالح العاتي حفظه الله شاعر حوالي الهوى، عصامي في القوافي وحكيم في المعاني، من أسرة عريقة كريمة دأبت أن تقطف من نبات الجبال حكمة عقلية وتسكبها في قالب لفظي جمالي، مشهورون بالطرق الجبلي العريض الذي يسري بصوتهم فيعرفون به أنهم في تلك المناصي يزرعون حباً ويحصدون خيراً.
الشاعر أحمد له باع طويل في نظم الشعر الجنوبي، مخضرم كسب من القدماء قوافياً تربح الفؤاد، وجدد بروحه ألفاظاً تواكب الزمن، فحفظ الماضي ويسر الحاضر، بدايته من وسط ساحة العارض في حوالة أشهر الساحات في عموم بلشهم، عاصر كبار الشعراء في المنطقة آنذاك ووقف بجانبهم أمام الميكروفونات، كانت بداية شاعر متمكن بجزالة متقنة وبمعاني قوية ومفردات ذات تجدد لفظي منظم.
أكمل “ أبو جمال “ المسيرة بثقة ودعم من أهله وقبيلته، كان شعره ومازال تتولد منه المعاني الراقية المهذبة وفي الكلام يفتح بعضه بعضاً، له سرد جميل وفكر متوسع يعطي حروفاً ناصعة، تجعل من أبياته ملتقى لأصالة مختومة بعبق قديم فيه إنتعاشة النسيم.
هذه قصيدة جديدة فيها روح المدح الممزوج بالفخر لقبيلته ومن الإعتزاز بالأرض والجبل والرجال، فيها المدح المحبب وهو سنام الشعر عند العرب، فالنفس تقبل اللطيف وتفر عن الغليظ، والفهيم من يأنس من الكلام بالمعروف ويسكن الى المألوف.
يجاريه في الرد شاعر حوالي معروف بنهجه المحافظ والمتمدن وهو الأستاذ الشاعر رياض بن شائق آل شائق، يعتبر “ أبو شائق “ مكتبة وحافظة ومرجع للشعر الشعبي الجنوبي بكل طروقه، وهو أيضاً موسوعة متمكنة في الشعر العربي الفصيح وله أشعار موثقة فصحى وشعبية، نتمنى أن ترى النور في كتاب له شامل يجمع فيه شعره وخبرته لكي يكون مرجعاً لمحبي هذا التراث الجميل.
