من قديم و حكاوي الشيبان رحمهم الله لنا كجيل بعدهم و خاصة الذين عملوا في بدايات شركة ارامكو، كانوا يسمون نظام العمل و العمال المستحدث حينها بنظام ” العمى و العميان ” تهكماً و رداً بسبب تعامل النظام معهم و ظنهم أن العمى صفة مجازية لوزارة العمل في ذلك الوقت و أنعكست الصفة على منسوبيها، و مازالت الوزارة بعد عقود من الزمن تؤكد ما ساقه الشباب الأوائل في ذلك الزمان و مايراه أولادهم و أحفادهم الى الوقت الحاضر.
وزارة العمل منذ إنشاءها و ما تلاها من مسميات مزدوجة لم تستطع أن ترتقي الى المستوى المأمول الذي يرتضيه ولاة الأمر و لا الى تحقيق طموحات المواطنين و لا تمنيات الأشخاص ذوي الإعاقة و لا رضاء مستفيدي الضمان الإجتماعي الذين تخدمهم الوزارة.
في المسمى الحالي، مفردة ” العمل ” كلمة عامة و إسم ” التنمية الإجتماعية ” إسم عام و كل منهما علم بحد ذاته و كل له أرقامه و إحصاءاته و متخصصيه منفرداً و منفصلاً عن الآخر، فلماذا الجمع بينهما تحت هيكلة واحدة ؟، في ذهني أن لا علاقة بينهما و من الأجدر عملياً أن تصبح ” التنمية الإجتماعية ” وزارة منفصلة.
مهما بلغ ذكاء و نشاط الوزير الواحد أو وكلاءه الكثر في كل النشاطات المدرجة في موقعهم الإلكتروني و مبانيهم الإسمنتية المتنوعة تخصصاً و المختلفة إدارياً فإنهم لن ينجحوا في تحسين الأداء أو تقديم الخدمات العديدة بشكل منظم و ممتاز أو حتى ايجاد الأنظمة لكل قطاع منها، لن يستطيعوا بسبب حجم المهام المتشعبة و للأسف سيستمر التخبط الإداري و تعارض المصالح بشكل واضح و بدرجة غير مقبولة من عملاء الوزارة الأساسيين. تصورا أن وزارة العمل و التنمية الإجتماعية مشغولة هذه الأيام بـتطبيق مهمة واحدة هي ” عقد تجديد ” لإستقدام الأعداد الكبيرة جداً من العمالة المنزلية، فأصبحت مرتبكة و حائرة و جندت الوزارة عقول منسوبيها لمواجهة مكاتب الإستقدام و المواطنين من أجل القادمين الى المطارات من ” خادمات و سائقين ” !.
في ظل دخول المعاملات الإلكترونية في أجهزة الدولة و التي أثبتت كفاءتها إنتاجياً و مالياً، لماذا لا تدمج وزارة العمل مع وزارة الخدمة المدنية و تركز على نظام العمل و العمال و تخطيط و توظيف المواطنين السعوديين فقط في القطاع العام و الخاص، و أن تقوم وزارة العدل بتسوية الخلافات العمالية بموجب نظام عدلي موحد لا تكون فيه جهة هي الخصم و الحكم.
أما بالنسبة للعمالة الغير سعودية و عوائلهم فإن إستحداث وزارة للعمالة الوافدة و المقيمين سييسر إدارة العدد الهائل منهم و يكون دورها متابعة أمورهم يحكمها في ذلك نظام العمل و العمال و أنظمة وزارة الداخلية.
عندها سنعرف نتائج و مخرجات كل وزارة بشكل واضح بدلاً من تورية التصاريح الصحفية بمساج رقمي يخفي الحقائق المرة، و يمكن المحاسبة و التدقيق بوضوح و منها ستصبح الأرقام و الإنجازات هي الحكم على النجاح و ليس المتحدث الرسمي للوزارة.
لقد كانت رعاية الشباب في السبعينات الميلادية قسماً إدارياً في وزارة العمل، عندما إنفصل القسم عن الوزارة و أصبح تحت مسمى الرئاسة العامة لرعاية الشباب تطورت بشكل تصاعدي ممتاز، أصبحت من أهم القطاعات الحكومية و أفضلها تنظيماً و هاهي تتحول تدريجياً الى قطاع خاص ربحي، يكفي بأن إنجازاتها وصلت الى العالمية، وصلنا كأس العالم خمس مرات، أصبح الدوري السعودي أقوى دوري إقليمي مستوى و ربحية،و أصبحت ملاعبنا و انديتنا و لاعبونا في مختلف الألعاب يشار لها بالبنان.
كتبت ما سبق من واقع تخصصي في إدارة الموارد البشرية و إيماني التام كمواطن في دعم رؤية ٢٠٣٠ التي رسمها بحكمة و بثقة الرجل الملهم لنا جميعاً صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان حفظه الله، هذه المبادرات العظيمة تحتاج مني كمواطن محب لقيادته و وطنه أن أضع على لوحة الاقتراحات الوطنية ما يمكن أن يكون فكرة للتأمل حتى لو لم يستجب لها، معترفاً بأني قد أجهل بعض الأمور الفنية و لكني أحاول بواقع خبرتي و متابعتي رغم عمري الستيني. و الله أعلم.