مواضيع منوعة
Home / علمتني الحياة / التضحية و الشهادة في حضرة الأم

التضحية و الشهادة في حضرة الأم

كثيرة هي العناوين في هذه الحياة .. عناوين للدنيا نسعى لها كالمال و الصحة و البنون و الفضيلة و قد نجملها في مختصر على أنها “ العيش الكريم “ .. و عناوين للدار الآخرة هي الإيمان الأمثل و الصلاة المتقبلة و الرزق الحلال .. طمعاً في جنة الخالق التي وعد بها عباده الصالحين .. و خوفاً من يوم الحساب كي تخف موازيننا و نحقق رضاه سبحانه و تعالى.

و رغم الحرص الكامل منا على ما سبق إلا أن عنوان التضحية قد يمر مرور الكرام و لا نعطيه حجمه الحقيقي و نصبغه بأشياء دنيوة و مادية .. ربما يكون في أصلة كرم أو مساعدة أو واجب يحتم علينا المشاركة فندخلها من باب التضحية .. ندخلها لكي نحظى بكلام معسول أو رتبة إجتماعية و إذا تمادى فيها الإنسان أصبح من باب الرياء و المفاخرة و قد يصل أسواء أحواله عندما توصف بالمنة و إستكثار ما قدم.

هذه ممارسات للتضحية و لكن أسمى معانيها هو التضحية بالنفس و هنا أتحدث في نطاق إجتماعي و فردي لأن خارج ذلك هي أمور مقننة و هي إختيار مبني على حماية منظمة. و في التضحية بالنفس في سبيل حدث فضيل قد يسلم الإنسان منها و قد لا يسلم .. إن سلم كان له شأن و إن لم يسلم فهذه الشهادة الحقة.

و في مجمل القول نحن الرجال قد نتردد في التضحية و لكن المرأة لا تترد فيها حتى لو بالنفس و  في كل الأحوال هي أم .. خلقت و عاشت لتكون أماً .. و هذه غرائز أوجدها الخالق في تكويننا فهي تتنازل عن كل شي في حياتها مهما بلغ ثمنه المادي أو المعنوي .. من أجل زوجها و أبناءها.

نعي جميعاً أن التضحية كلمة مرادفة للأمومة و الأمومة معنى عاطفي جميل و غني بالمشاعر الفياضة في الأنثى السوية المؤمنة بالله سبحانه و تعالى .. و هذه النفس الحانية للأم و روحها و حياتها تقف على حافة قمة التضحية بالنفس .. هي مستعدة للتضحية في كل لحظه حتى لو رأت دمعة في عيني زوجها أو أحد أبناءها و هذه القمة من النادر أن يصل إليها الرجال.

في الأيام الماضية عاصرنا حدث جلل عن تضحية بالنفس كانت بطلته إمرأة عظيمة من “بلاد حوالة” إبنة لبيت كريم و منزل عال و زوجة وفية لزوج من بيت عزيز و ذي شهامة .. ضحت بنفسها من أجل إنقاذ أبناءها من حريق كتبه الله و لا راد لقدره.. صارعت الموت ما بين غيبوبة و صحوة تسأل عن بنوها .. لم يكن لديها في خاطرها و عقلها غيرهم .. رحلت رحمة الله عليها و غفرانه و لم تعلم عنهم لأن الله إن شاء الله سيبشرها بجنة الخلد دار لها قرار و خلود ..

هي الشهادة بإذن الله  .. و هذه الأم و الزوجة التى لن ننسى وفاءها و تضحيتها .. قصتها هي درس أخلاقي لنا الرجال ممن لم يعظموا المرأة و لم يقدروها و يظنون أنهم كأزواج تضحياتهم كبيرة و هي لا تتعدى قروض من البنوك أو سيارات فاخرة و يتباكى آخر الشهر بأنه ضحى ..

هذه المرأه هي “ شهيدة حوالة “ و هي الإيمان و الطهر و الشرف و التضحية .. وليعلم الرجال منا أن كل إمرأه هي مشروع تضحية و شهادة بإذن الله كأم و كزوجة بكل ما تتخيله و ما أجملها عند الأم عندما تتنازل عن روحها و حياتها من أجل أبناءها ..

عزاءنا البالغ لأسرة آل شائق و آل مرزن على مصابنا جميعاً في هذة المرأة الكبيرة في قومها و في رحيلها .. عظم الله أجركم و جبر مصابكم و غفر لها .. اللهم أغفر لها و أرحمها و أعف عنها و أكرم نزلها و وسع مدخلها و أغسلها بالماء و الثلج و البرد و نقها من الخطايا كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس.

اللهم إرحمنا إذا صرنا الى ما صاروا اليه ،، لا حول و لا قوة إلا بالله. إن لله وإنا اليه راجعون.

About عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

Check Also

صحف مطوية

في سنوات سابقة من حياتي كنت استمتع كغيري بنعمة قراءة الصحف والمجلات المطوية التي كانت …