مواضيع منوعة

سيدي والدي

أمور كثيرة علمني إياها والدي رحمه الله .. أمور بسيطة ولكنها استثنائية في مجتمع يتلمس طريق التقدم .. والدي لم يجعلني رجلاً فقط بل انساناً نشأ وتربى على الفطرة السليمة وحقي في الكرامة والعدل مع نفسي .. تركني أتخذ قراراتي بحرية وثقة وكان يقول لي دوماً ” تحمل المسؤولية “.

كنت الإبن البكر فنثر في نفسي خلاصة تجاربه واحتياطاته من غدر الزمان والرجال والنساء .. كانت الخلاصة أنني مسؤول عن حماية نفسي.

كبرت ولم يكن هو خائفاً علي لأنني حددت مواقفي وطريقي في وقت مبكر ومنذ عهدي معه وقسمي له عند خروجي من المنزل الى عالم سأكون بعيداً عنه بجسدي ولكنه في قلبي أينما كنت.

والدي غفر الله له، لم يستنطقني يوماً عن من أصاحب ومن أخالف .. لم يضع سياجاً أو قيوداً حولي ولم يدفعني الى الكذب عليه .. كانت دعوات المديح ورضاه عني تغمرني وصوته المنخفض في حالات اهتزازاتي تدفعني بقوة للمضي الى الأمام.

والدي رحمه الله لم يقرأ كتاباً ولم يكتب حرفاً سوى توقيعه الذي تعلمه بصعوبة .. والدي الحنون  لم يضعني في جلبابه القديم .. كنت محظوظاً لأنه جعلني حراً، لا أحداً يمكنه أن يتسلط برأي يفرضه علي ولا استهلك من أحد .. رجل وإنسان مستقل بفكري وتوجهي، أنتج ولا أتبع القطيع.

كل الغفران والرحمة أدعو بها الى الله لك ياوالدي .. 

أتذكرك عندما تفرحني الدنيا أو تضيق بي .. لك ياوالدي ” أبو عثمان ” كل الرضا من الله ثم مني .. قر عيناً فولدك الكبير ما زال عند عهدك وعهده وميثاقه.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

صحف مطوية

في سنوات سابقة من حياتي كنت استمتع كغيري بنعمة قراءة الصحف والمجلات المطوية التي كانت …