كانت الحيوانات المستأنسة لها دور كبير في التنقل و الزراعة و أوجه أخرى تبعاً للحاجة، حتى أتت السيارات و القطارات و الطائرات و آلات الحرث و الحصاد فاختفت حاجة الحيوانات و أصبحت للسباقات بجوائز خيالية و الإقتناء المترف، أصبحت أسعارها عالية و استعملت للإستعراضات الفخمة و أصبح لها تنافس في الحسن و تنظيم ملكات الجمال بينها.
أتى عصر الآلة فهبطت أسهم الكتبة و لم يعد لهم دواوين و لا مكاتب عامة و اختفت ريش المحابر و ورق البردى، أصبحت الآلة الكاتبة و المطبعة أسياد الكتابة، و معها كانت الثورة الصناعية و خطوط الإنتاج التي كانت مصدراً لرزق الملايين من الأسر الكادحة، و من بعدها أتى العصر الرقمي و البرمجة فإختفت مصادر التوظيف و أرزاق الناس و أصبحت تطبيقات شائعة عن طريق لوحات لا تتعدى كف الإنسان فكفته و كفت يده.
أتى عصر النساء و تمكين المراءة فأخذوا وظائف الرجال، بقي بنو آدم في البيوت و ذهبت بنات حواء الى العمل من قبيل المساواة الإجتماعية، و سيدور الزمان و فعلاً سيأتي دور “ الروبوت “ فتختفي الوظائف و سيسرح الرجال و النساء معاً، حتى الخادم و الخادمة مثلاً ستصبح آلة و لن يكون هناك حاجة لطلب تأشيرة دخول و لا لإختيار ديانة أو جنسية محددة، و عند إنتفاء الحاجة لسبب فإنه لا يستوجب إلا أن تحطم “ الروبوت “ بمطرقة أو فأس أو تبيعه كقطع غيار.
يبدو أننا كبشر الى ذلك متوجهون، سنمر و ننتهي بنفس دورة الحيوانات سنصبح للزينة و الإستعراضات، ربما سنصبح مصارعين كما في عصر الرومان و سنشارك الحيوانات في السيرك، و علينا أن نستعد فمن لا يكون رشيقاً و ذو لياقة عالية فلن يجد ما يسر عيشه ، لكن الأمل الوحيد أننا ربما نصبح في رزق كبير و أفضل مثل الحيوانات التي تكسب و تعيش الآن في بحبوحة بعد أن تعدت عصر الضرب على الظهور ، أصبح لها حقوقاً بالرفق و العيش الهنئ في مكامن و مساكن معظمها أفضل من عيشة بعض سكان الأرض البشر ، قد نعطى رواتب عالية و إكراميات اكثر مما كنا عليه، كل ذلك في مقابل ان ننسى إنسانيتنا و نجعل الآلة هي المحرك في كل جوانب حياتنا التي وصلنا لها بفضل تفكيرنا و عقولنا المفرطة في التطور و الحضارة.
هل هذا ما كان يريده الإنسان عندما أراد أن يحل مشاكله بخدعة إسمها التكنولوجيا و عصر العولمة .. هل أنقذ عقل الإنسان وجوده أم إنه يسعى الى أن نهايته ستكون بدون عقل، قد أكون مخطئاً و الغفران إن كنت أسأت الفهم.