مواضيع منوعة
الرئيسية / علمتني الحياة / نهاية العقل في زمن العولمة

نهاية العقل في زمن العولمة

كانت الحيوانات المستأنسة لها دور كبير في التنقل و الزراعة و أوجه أخرى تبعاً للحاجة، حتى أتت السيارات و القطارات و الطائرات و آلات الحرث و الحصاد فاختفت حاجة الحيوانات و أصبحت للسباقات بجوائز خيالية و الإقتناء المترف،  أصبحت أسعارها عالية و استعملت للإستعراضات الفخمة و أصبح لها تنافس في الحسن و تنظيم ملكات الجمال بينها.

أتى عصر الآلة فهبطت أسهم الكتبة و لم يعد لهم دواوين و لا مكاتب عامة و اختفت ريش المحابر و ورق البردى،  أصبحت الآلة الكاتبة و المطبعة أسياد الكتابة، و معها كانت الثورة الصناعية و خطوط الإنتاج التي كانت مصدراً لرزق الملايين من الأسر الكادحة، و من بعدها أتى العصر الرقمي و البرمجة فإختفت مصادر التوظيف و أرزاق الناس و أصبحت تطبيقات شائعة عن طريق لوحات لا تتعدى كف الإنسان فكفته و كفت يده. 

أتى عصر النساء و تمكين المراءة فأخذوا وظائف الرجال، بقي بنو آدم في البيوت و ذهبت بنات حواء الى العمل من قبيل المساواة الإجتماعية، و سيدور الزمان و فعلاً سيأتي دور “ الروبوت “  فتختفي الوظائف و سيسرح الرجال و النساء معاً، حتى الخادم و الخادمة مثلاً ستصبح آلة و لن يكون هناك حاجة لطلب تأشيرة دخول و لا لإختيار ديانة أو جنسية محددة،  و عند إنتفاء الحاجة لسبب فإنه لا يستوجب إلا أن تحطم “ الروبوت “  بمطرقة أو فأس  أو تبيعه كقطع غيار.   

يبدو أننا كبشر الى ذلك متوجهون، سنمر و ننتهي بنفس  دورة الحيوانات سنصبح للزينة و الإستعراضات، ربما سنصبح مصارعين كما في عصر الرومان و سنشارك الحيوانات  في السيرك، و علينا أن نستعد فمن لا يكون رشيقاً و ذو لياقة عالية فلن يجد ما يسر عيشه ، لكن الأمل الوحيد أننا ربما نصبح في رزق كبير و أفضل مثل الحيوانات التي تكسب و تعيش الآن  في بحبوحة بعد أن تعدت عصر الضرب على الظهور ، أصبح لها حقوقاً بالرفق و العيش الهنئ في مكامن و مساكن معظمها أفضل من عيشة بعض سكان الأرض البشر ، قد نعطى رواتب عالية و إكراميات  اكثر مما كنا عليه، كل ذلك في مقابل ان ننسى إنسانيتنا و نجعل الآلة هي المحرك في كل جوانب حياتنا التي وصلنا لها بفضل تفكيرنا و عقولنا المفرطة في التطور و الحضارة.

هل هذا ما كان يريده الإنسان عندما أراد أن يحل مشاكله بخدعة إسمها التكنولوجيا و عصر  العولمة .. هل أنقذ عقل الإنسان وجوده أم إنه يسعى الى أن نهايته ستكون بدون عقل، قد أكون مخطئاً و الغفران إن كنت أسأت الفهم.

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

صحف مطوية

في سنوات سابقة من حياتي كنت استمتع كغيري بنعمة قراءة الصحف والمجلات المطوية التي كانت …