في رمضان الشهر الفضيل الكريم تتشرب النفوس الكريمة بطيب أيامه و لياليه، فيه تحنو القلوب لذكر خالقها في صفاء و سكينة، تعطرها آيات القرآن المبجل ، نحاول كعباد الله سبحانه أن نصل إلى درجة مرضية عن أنفسنا، نطمع في رضاه و ندعو بالغفران و الثواب، نتدبر و نتبصر في معاني الكلمات الروحانية علها أن تورث في جوانحنا دوماً طيب المسلك و حسن العبادة، نبلغ بها قمة الإيمان الذي هو مرادنا و أن يكون خيراً لنا في حياة هنيئة، نرجو معها حسن الختام و ممات على الشهادتين مربوطة بطيب الثواب و الجزاء لجنة وعد الله بها لمن طاب مقامه و حسن إيمانه.
و في رمضان الشهر الواسع بنعمه الراوية تبحث النفس عن طيب الكلام، يطهرها و يصفيها القول الجميل و التقرب الى ما يغسل قلوبنا و ألسنتنا بحسن النصيحة و الحكمة، حكمة مستقاة من جوف المعاني القرآنية و بطون المعرفة في النصوص المتوارثة.
هذا الجامع في الكلم أساسه كتاب الله الحكيم الذي حوى كل ما يريد أن يعرف الإنسان و هو هدى للمتقين، في ثناياه القصص المعلم في سير الرسل و الأنبياء منذ خلق آدم و حتى خاتمهم نبي البشرية جمعا و أشرفهم الرسول محمد صلى الله عليه و سلم.
وعلى هذا الأساس القيم القويم صاغ الحكماء و الرواة نبل القوافي و سطور النصح، مقدمين دينهم و مبادئهم التى أفاض الله بها عل رسله جميعاً، ناهلين منها روح الحياة و نهراً جارياً على مدى العصور فكان نبراساً و إرثاً عظيماً تتناقله الأجيال.
تاريخنا العربي و الإسلامي ملئ بدرر صاغها حكماء راشدون و علماء عقلاء نذروا أنفسهم في تدوين المفيد و توثيق الحكم و ما أكثرهم في أزمنة مضت و ما أقلهم في زماننا، هذا المعين الذي قد إبتعد عنه البعض بسبب عدم التعمق فيه و التفكر في بحوره، يم واسع في مكنوناته و عميق في تطرقه لكل ما في الحياة من خلق و سلوك و تبصر في مناحيها.
و للمقالة بوح يذكر فتهنأ النفس من فياض القول و طيب الحروف :
- قال الله تعالى في محكم التنزيل : ” يؤتي الحكمة من يشاء ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب)
- و قال الرسول الأمين محمد صلى الله عليه و سلم : “ أيها الناس إني قد أوتيت جوامع الكلم و خواتيمه و أختصر لى إختصاراً، ولقد أتيتكم بها بيضاء نقية فلا تهوكوا و لا يغرنكم المتهوكون “
- سئل لقمان الحكيم : مابلغ بك مانرى؟ قال : “ تقوى الله، و صدق الحديث، و أداء الأمانة، و ترك ما لا يعنيني “
- و قال الشاعر القروي :
إستق الحكمة لا يشغلك من
أي ينبوع جرت يا مستقي
فشعاع الشمس يمتص الندى
من فم الورد و وحل الطرقِ
للسياق أعلاه بقية و ما أكثره في ديننا الحنيف و موروثنا القديم .. لكن السؤال الأهم : هل نستمع و نقرأ و نتعظ ؟ .. اللهم آمين.