اليوم نشرت جريدة ( USA TODAY ) موضوعاً بعنوان ( الأمل ليس ترفاً ، إنه عامل أساسي لأجل صحة ذهنية ) للكاتبة : Alia E. Dastagir
طبيعة الموضوع وطريقة طرحه أعجبني وأحببت مشاركة ترجمته المنقحة والمختصرة مع القراء الكرام، وذلك أنه موضوع الحال في مثل هذه الأيام وهذا العصر الملئ بعدد من التطورات التي تؤثر على طريقة تفكيرنا.
الأشياء الكبيرة التي تشغل بال الناس كثيرة، هي عناوين رئيسية في حياتهم الآنية مثل : نهاية وباء كورونا، مستقبل أفضل لأطفالهم. الناس دائماً يأملون بأشياء ملموسة: راتب أكبر ، ومنزل آمن ، وصحة جيدة، وأكثرها غير متبلور مثل : الحب والإحترام والشعور بالعيش الكريم والسمعة الحسنة.
يظل الفرد منا متفائلًا إلى حد ما على الأقل بالمستقبل، يتزامن الأمل في داخلنا ونظل قيد الاختبار. توجد المعاناة والانقسام دائمًا في أرواحنا وفي النهاية لا يبدو أن هناك طريقًا واضحًا للمضي قدمًا، لكن علماء النفس يقولون إن الأمل ليس رفاهية. ولكن من أجل صحتنا الذهنية يبقى ضرورة.
يوم السبت هو اليوم العالمي للصحة الذهنية ، وتظهر عدد من الأبحاث أن الأمل هو مؤشر قوي للصحة الذهنية. يقول الخبراء: إن الأمل لا يجعل الحياة أكثر إمتاعًا فحسب، بل يوفر أيضًا مرونة في مواجهة أشياء مثل اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب. يقدم الأمل أيضًا فوائد كيميائية، في شكل الأندورفين ومستويات منخفضة من التوتر، ويضيف الخبراء أن الأمل يجعل الناس أكثر إنتاجية.
على عكس الطريقة التي يتحدث بها بعض الناس عن الأمل، لا ينظر الباحثون إليه على أنه حالة عاطفية سلبية، بينما قد يقول آخرون بالعامية أشياء مثل “اجلس وتأمل في الأفضل” ، أما الباحثون فيؤكدون بعد دراسات متعددة أن الأمل هو نشاط ويجب التأقلم معه.
يقول ماثيو غالاغر،الأستاذ المشارك في علم النفس الإكلينيكي في جامعة هيوستن : “الأمل هو كيف يمكننا التفكير في أهدافنا للمستقبل، وإلى أي مدى يمكننا تحديد المسارات أو الإستراتيجيات لتحقيق تلك الأهداف ثم الحفاظ على الدافع لمواصلة العمل نحو تلك الأهداف، حتى في مواجهة العقبات.
الأمل مورد :
في ورقة بحثية نشرها غالاغر في عام 2013، نظر هو وباحثون آخرون فيما إذا كان الناس يتوقعون أن تكون حياتهم بعد خمس سنوات في المستقبل جيدة أو أفضل من حياتهم الحالية. اشتملت الدراسة على أكثر من 100،000 شخص من أكثر من 100 دولة ووجدت أن الناس في جميع أنحاء العالم يميلون إلى أن تكون لديهم توقعات إيجابية للمستقبل – غالبًا ما يعتقدون أنه يمكن أن يكون جيدًا أو مساويًا للحاضر.
وقال “إنه مورد يستطيع حتى الأشخاص الذين يواجهون جميع أنواع العقبات الحفاظ عليه ويمكن الإعتماد عليه للتعامل مع جميع أنواع الضغوط المختلفة”.
في استطلاع أجرته شبكة سي بي إس في بداية جائحة فيروس كورونا في مارس أن الناس بشكل عام أفادوا بأنهم يشعرون بالهدوء (62٪) والأمل (55٪) أكثر مما شعروا بمشاعر سلبية. كما أظهر إستطلاع للرأي أجرته New York Times و Siena College في يونيو أنه في حين أن العديد من الأمريكيين محبطون على المدى القصير ، فإنهم يظلون متفائلين على المدى الطويل. قال 68 في المئة من الناخبين إنهم متفائلون بشأن حالة البلاد.
الأمل والتفاؤل ليسا نفس الشيء:
على الرغم من استخدام الأمل والتفاؤل أحيانًا بالتبادل، يقول الباحثون إنهما مختلفان. الأمل هو استخدام الوكالة الشخصية لتحقيق النتيجة المرجوة. التفاؤل هو عندما يتوقع الناس حدوث الأشياء الجيدة أكثر من الأشياء السيئة.
وقال غالاغر: “كلاهما يتعلق بتوقعات إيجابية للمستقبل، لكن أحداهما يتعلق بالعمل الفردي الذي يقود العمل نحو أهدافه … والآخر هو أننا نعتقد أن الأمور ستسير على ما يرام ولسنا متأكدين من كيفية القيام بذلك”.
الأمل ليس سهلاً دائمًا ، لكنه فعال في مساعدة الناس على الازدهار عبر العديد من المجالات، بما في ذلك العمل والمدرسة.
قالت الباحثة كوليير “الأمل يجلب الأكسجين إلى وعينا”. تضيف “إذا قمنا ببناء الأمل ، فنحن متحفزون. نحن متحمسون للعمل لأننا نشعر أن هناك احتمالًا بأن النتيجة التي نريدها قد تحدث. إذا لم يكن لدينا أمل ، فأين نجد الدافع؟”
كيف تحافظ على الأمل:
يقول الخبراء إن التمسك بالأمل ليس سهلاً دائمًا في مواجهة أحداث متأصلة في المجتمعات، يمكن أن يصبح الأمل بعيد المنال وفي بعض الأحيان غير منطقي.
يذكر غالاغر في إستنتاجه : “في سياق فيروس كورونا وفي أمور إجتماعية حادة ، فإنه أمر يصعب بالتأكيد الحفاظ عليه في هذه الظروف بالنسبة لبعض الأفراد”. يضيف أيضاً : “عندما يكون هناك الكثير من الأشياء التي لا يمكننا السيطرة عليها بشكل كامل ، يصبح الأمل مشكلة.”
عندما تشعر أن الأمل بعيد المنال :
يقول علماء النفس إنه لا عيب في النضال من أجل الأمل. إنه ليس إخفاقًا شخصيًا في الشعور وكأن مستقبلًا أفضل بعيد المنال. يقولون أيضاً إن أخذ التوقعات بعيدًا يمكن أن يقترب من السذاجة، ويمكن أن يبدو وكأنه أمل زائف.
وقد بينت كوليير : “ إنه حتى إذا كان شخص ما لا يشعر أن النتيجة المرجوة هي أمر محتمل، فمن المهم أن تستمر في الاعتقاد بأن ذلك ممكن”.
وقالت: “لا يتعين علينا التفكير في الأمل بهذا المعنى الكبير بأن الأمور ستنجح. ربما هذا غير ممكن، لكن نترك مساحة للمجهول، لأننا لا نريد أن نضيع في مساحة التفكير المعتمة لأن ذلك سيأخذنا من إتخاذ الإجراء الصحيح التالي. وربما يكون أحياناً هو كل مانستطيع فعله “.