خلال نهاية الأسبوع الماضي كان اللقاء السنوي لدفعتنا العتيدة ٧٧ من خريجي الإدارة الصناعية في جامعة الملك فهد للبترول و المعادن .. هذه مجموعة لها من الذكريات الجميلة ما يتوق القلب دائماً أن نلتقي بكل مودة و محبة.. الإجتماع مع نخبة من الزملاء النبلاء الكرام .. بحد ذاته هو عنوان تفاصيله المحبة و إستذكار لأوقات جمعتنا في عز شبابنا.. نلتقي و الزمن يرسم على الوجوه شوق محبب و تعابير مودة لا تنقطع طوال الرحلة .. مشاغل الحياة قد تبعدنا و لكن يظل أساس التعارف نقي و صافي .. الجامع أننا كنا سنوات كطلبة بدون مصالح و لا ماديات تعيق الحنين واللقاء.
نلتقي كل سنة في مدينة من مدن المملكة .. و دائماً ما يكون المنسق العام و المايسترو لهذه اللقاءات هو الأستاذ محمد الهلال حفظه الله .. أبو جاسم إنسان محب أن يجمع القلوب .. ينظم و ينسق و يبذل الجهد بكل أريحيه يعجز كل منا أن يوفيه حقه و لا حتى أن يقوم بدوره.
كانت محافظة عنيزة هي المختارة لهذا الجمع المبارك و كان نعم الإختيار .. و كعادة دأبنا عليها أن تكون اللجنة المنظمة لكل لقاء من زملاء منتمون أو لهم صلة بمكان الزيارة .. هذا العام كان المنظمون هم : الدكتور يوسف البسام و الأستاذ محمد الجريفاني حفظهم الله و هم من العوائل العريقة في منطقة القصيم .. كان لهم الشأن الأكبر بعد الله سبحانه و تعالى في ترتيب لقاء مميز و يحق أن نطلق عليه بأنه كان من فئة العشرة نجوم.
خلال ثلاثة أيام متضمنة برنامج متواصل من الساعة الثامنة صباحاً و حتى منتصف الليل بدون توقف .. إستطاع المنظمون الزملاء أن يجعلوه باناروما حية للنشاط و الإنتقال بكل سلاسة من مكان الى آخر رغم أن أعمار معظم المجموعة فاقت أعمارهم الستين عاماً.
كان الجهد الأكبر لنجاح اللقاء السنوي مجير الى الأخ الكريم في الخلق و الرفيع في المقام الأستاذ عبد العزيز الزين حفظه الله و هو مدير الموارد في لجنة الأهالي و هي لجنة فريدة و هدفها نبيل و حضاري .. هذا الرجل لن ننساه و عندما نذكر عنيزة فهذا الرجل الشهم هو من سكن قلوبنا و أسكن عنيزة في جوارحنا .. كان معنا خطوة بخطوة بالترحيب الجم و المعلومة الموثقة و الإبتسامة الهادئة التي لا تفارق محياه .. له جهد مشكور و هذا ديدنه و قد كان “ رجل الرحلة “.
و أخيراً .. عنيزة عرفناها جيداً .. عرفنا الإنسان و الأرض .. إنسان أصيل و أرض خير و بركة .. هي درة الجزيرة و ماض فيه نور العلم .. هي قصة خالدة و مجتمع متحضر .. حافظت عنيزة على تراثها و جمعت بين الخير الوفير و العطاء الصادق و خدمة المجتمع بوعي يجعلها من مفاخر وطننا وإنسانها.
أتمنى أن أكتب أكثر عن عنيزة المحافظة و لكن في زمن الترحال و التصاوير لن أقنع بما فيه الكفاية .. في زمن مضى كتب الأديب و المفكر : أمين الريحاني عن عنيزة و قال ( عنيزة مليكة القصيم .. عنيزة حصن الحرية و محط رجال أبناء الأمصار .. عنيزة قطب الذوق و الأدب .. باريس نجد و هي أجمل من باريس الحقيقة ) .. و أنا أقول و قالها زملاءي هي تستحق إنصافاً أكثر من ذلك .. لأنها : عنيزة الإنسانية.
الصور التالية ستبقى في ذاكرتي ..