تعلو الهمم بعلو هاماتها و بما أوكل اليها من مهام و نجاح يسطره تاريخ الأفراد و المنظومات .. تعلو المنشأة ببصيرة من يديرها كقائد محنك و بمهارة القوى البشرية في مواقع العمل و أصوله المربحة.
خلال ثلاثة عقود من حياتي قضيتها في شركة مصفاة أرامكو السعودية شل ( ساسرف ) و هي الشركة الوحيدة التي عملت فيها طوال حياتي العملية .. كان مدخل الأيام الذهبية بأن أحصل على فرصة ثمينة بعد تخرجي من الجامعة و أن تكون شركة ساسرف هي خياري .. شركة متعددة الجنسيات لها شراكة إستراتيجية بين بترومين ثم لاحقاً ارامكو السعودية و مع عملاق النفط و الغاز ( شركة شل العالمية ) .. لم أحاول يوماً أن أتركها رغم الفرص و العروض و “ رغم الجو الماطر و الإعصار “ فيها.
تعاملت خلال الثلاثين سنة و نيف مع رؤوساء ساسرف بمعدل سنتين و نصف لكل رئيس ما عدا فترة رئاسة المهندس محمد العمير التي إستمرت سبع سنوات. كنت قريباً من هؤلاء منذ أن بدأت كضابط للعلاقات العامة .. مروراً بإدارتي لإدارات التطوير و علاقات الموظفين و بعدها مديراً عاماً للموارد البشرية لمدة إثنا عشر عاماً و أخيراً كمستشار.
طبيعة العمل في العلاقات العامة و الموارد البشرية تجعل التناغم بين الرئيس و مشرفو الإدارات عالية و يدخل فيها الطابع الإجتماعي و النفسي .. هذا ما حظيته من شرف و أنا أحد من تعامل معهم طيلة مراحل في حياتي العملية … كل من هؤلاء الرؤوساء الأفاضل كانت له لمسة و تأثير في تكوين شخصيتي بشكل عام سواء في ممارساتي العملية أو تعاملاتي الإجتماعية .. كان لكل منه شخصيته المتميزة و كانت العنوانين الرئيسية فيها عن الطموح و الإنسانية و الأناقة و الإنضباط السلوكي و أحسب أنها كلها شخصيات هولوودية في مخيلتي يعطيك كل واحد منهم فناً من فنون الحياة و إدارتها و لم أجده إلا في ذلك الزمان و ذلك المكان .. “ ساسرف “.
مع مثل هؤلاء تتعلم ما تستعد به لإختبار الزمن و تستعين بأكبر قدر من الثقة .. عندما أقيس خبرتي معهم أدرك مدى التأثير الذي خلفه هؤلاء الرؤوساء في حياتي .. و محاكاتي تنبثق من الإعجاب بشخصياتهم حيث أن كل ما أستفدت من دروس الإدارة و التعامل كونت في داخلي بعداً كبيراً عن معايير التفوق و الكفاح و عن أساسيات التطور العقلي و النضج الإداري.
عندما أذكرهم هنا في حرفي و صور لهم .. أقول لهم : شكراً يالوجيه الطيبة ..