مواضيع منوعة
الرئيسية / مقالات / رواية صينية

رواية صينية

ماذا تعني الفتوحات العربية بالنسبة الى الشعوب التي جاءها العرب والمسلمون الأوائل؟

في كتاب ( الفتوحات العربية في روايات المغلوبين ) لمؤلفه : حسام عيتاني ، وهو كتاب ينقل رواية الآخرين ،ولو بعد الفتوحات بعقود أو حتى قرون، لكنه يعبر وينقل ما تناقلته الأجيال عن ردات الفعل تجاه هذه الفتوحات، كتاب يستعرض كل ذلك إستناداً الى المصادر الأصلية لكتاب الشعوب المغلوبة رواها إخباريو بيزنطيه وفارس ومصر والصين والأندلس والسريان.

في هذا السياق المنقول والمختصر للصوت الآخر لكتاب ورواة الصين : 

“ وبالعودة إلى الرواية الصينية لأجواء الحقبة الإسلامية المبكرة، فإن إميل برتشنايدر (Emil Bretschneider)، وهو طبيب الجالية الروسية في الصين في النصف الثاني من القرن التاسع عشر وباحث في التاريخ الصيني، يجمل ما جمعته الكتب الصينية عن العرب وغيرهم من شعوب ودول الغرب. ويورد استناداً إلى كتب التاريخ الصيني قصصاً عن ظهور الإسلام وقيام الخلافة والصراعات بين الأحزاب العربية.

وهي تقريباً المواد نفسها التي أعاد هويلاند نشرها وتنقيحها في Seeing Islam، ص244-254. وتقول تلك السجلات إنه أثناء حكم سلالة تانغ كان الصينيون قد عرفوا بوجود دولة الخلافة التي كانوا يدعونها تا شي کوو (Ta shi kuo). و«تا شي» هي اللفظ الصيني لكلمة «تازي» التي كان الإيرانيون يشيرون بها إلى العرب.

ومنذ العهد النبوي، بات العرب موجودين على الساحة العالمية، وقد ذكرتهم حوليات صينية تعود إلى أسرة تانغ التي حكمت الصين بين 618 و907 جاء فيها أن دولة التازيين سيطرت على الأراضي التي كانت تملكها بو سو (Po ssu) (فارس).

وأدرج المؤرخ تو يو (Tu Yu) في موسوعته «تونغ تيين» (T’ung Tien) التي قدمها إلى البلاط الإمبراطوري عام 801، قصة الأسير الصيني تو هوان (Tu Huan) الذي وقع في أيدي العرب بعد معركة تالس (Talas) بين القوات العربية والصينية عام 751، ونقل سجينا إلى العراق حيث بقي في الكوفة إلى أن سمح له بالعودة إلى الصين عام 762. ويقول تو يو على لسان الأسير العائد إن الرجال في الأقاليم التي يعيش العرب فيها ذوي أنوف كبيرة ولحى سوداء وشعر غزير على وجوههم مثل الهنود، ويحملون خناجر من فضة ويضعون أحزمة فضية ولا يحتسون الخمر ولا يعرفون الموسيقى. نساؤهم بيضاوات البشرة ويغطين وجوههن عندما يغادرن بيوتهن بغض النظر عن رفعة مرتبتهن الاجتماعية أو ضعتها. وعندما يتشاجر الناس لا يوجهون لكمات إلى بعضهم البعض. ولديهم معابد عظيمة تتسع لآلاف المصلين. وفي كل سابع يوم من الأسبوع يتوجه الملك بخطاب إلى رعاياه من عرشه العالي في المعبد ( لعل المقصود جامع الكوفة ) بالكلمات الآتية: «حياة البشر صعبة جداً وليس سلوك الطريق القويم بسهل، والخيانة خطيئة. وما من إثم أكبر من السرقة والنهب وخداع الناس بالكلمات، وأن يعرض المرء حياة الآخرين للخطر في سبيل أن ينعم هو بالأمان وغش الفقراء واضطهاد الضعفاء. وأولئك الذين ماتوا بأيدي الأعداء (أعداء الإسلام) سيحيون مجدداً في الجنة، أولئك الذين هزموا العدو سينعمون بالسعادة». ويرى المؤرخ أن من هنا سبب براعة التازيين في الحرب. وهم يصلون خمس مرات للروح السماوية.

ويتابع الأسير العائد: «تغيرت الأرض برمتها؛ لقد تبع الناس (دعوة الإسلام) كما تتبع السواقي النهر، والقانون يطبق برحمة ولا يدفن الميت إلا بحرص. 

وظهر في البلاط الصيني موفد من التازيين عام 713 جلب معه خيولاً جميلة وأحزمة رائعة كهدايا، ورفض الموفد أثناء تقديمه إلى الإمبراطور أداء الطقوس المطلوبة (التي تعرف باسم Kow-tow أو السجود احتراماً)، قائلاً: «في بلدي لا نسجد إلا لله، وليس أبداً لأمير». وأرادوا (المحيطون بالملك) أولاً قتل المبعوث لكن واحداً من الوزراء تدخل لمصلحته موضحاً أن أصول اللياقة في البلاط قد تختلف مع البلدان الأجنبية وأن الفارق هذا لا يرقى إلى مستوى الجريمة.

وقيل (على لسان الموفدين) إن قبيلة «كو لي» (Ku lie) (قريش) يحكمها زعماء يتوارثون مناصبهم ويسمون «بو يي شي» (Po yi ta shi) (التازي بالرداء الأبيض). وقد انقسمت كو لي إلى أسرتين هما «بن ني مو هوان» (Pen ni mo huan) (بني مروان) و«بن ني سي شن» (pen ni si shen) (بني هاشم). وظهر رجل حكيم وحاذق يدعى مو هو مو (Mo ho mo) (محمد) اختاره الناس ليكون حاكماً. ووسّع ممتلكاته إلى ثلاثة آلاف لي وفتح مدينة «هيا لا» (Hia la) (الحيرة). الحاكم الرابع عشر كان مو هوان (Mo huan) (الخليفة مروان الثاني) الذي قتل أخاه يي كي (ki )) واستولى على العرش262. وكان شديد القسوة وانفصل عنه أتباعه تباعاً. وظهر شخص يدعى هو لو شان ( Ho lu shan) من مو لو (Mo lu) وتحالف مع بو سي لين (Po si lin) (أبو مسلم الخرساني) للإطاحة بمو هو لان. وأعلنا للناس أن على كل من يؤيدهما ارتداء الثياب السوداء، ومن هنا جاء اسم أتباعهما «هي يي شي» (التازي بالرداء الأسود)، وسرعان ما جمعا جيشاً يتألف من عشرة إلى عشرين ألف رجل لقتل مو هوان، واختير «آ بو لو با» (A po lo pa) من عائلة شن» ملكاً (…) وبعد وفاته صعد أخوه «آ بو كونغ فو» (A pu Kung fo) إلى العرش (يبدو أن ثمة خطأ في كتابة أحد الأحرف الصينية إذ إن المقصود هو أبو جعفر المنصور). 

وفيما كانت الجيوش العربية تسعى إلى تعزيز قبضتها على مناطق وسط آسيا، أدت الممالك والدول المستقلة هناك والتي كانت تتبع في مراحل سابقة للإمبراطورية الساسانية (اسمياً على الأكثر)، دوراً مهماً في صياغة العلاقة بين الفاتحين العرب والسكان المحليين، إذ إن هذه المناطق ذات الحضارة الراسخة والمتمتعة بقدر من الازدهار لم تر الفرق بين النير العربي والنير التركي أو الصيني. وكانت أشد المناطق مقاومة للفتوحات.”

عن عثمان بن أحمد الشمراني

كاتب ومدون, يبحر في سماء الأنترنت للبحث عن الحكمة والمتعة.

شاهد أيضاً

لماذا الحرب ؟

السؤال الذي نطرحه هذه الأيام لماذا الحرب؟ ولماذا القتل ؟ .. ساقتني الصدفة الى ملاحظة …