عندما يصدح الأب بنصائحه لإبنه فإنه يكتب حبه وحنانه لخليفته في الأرض .. يأمل الأب من الإبن أن يكون صالحاً … أن يعطر ذكر أهله بكثير من الخصال .. تحفظ للبيت الكبير بكل فرد من أجناسه الذكرى الحميدة والسمعة النقية.
كيف إذا كان الأب هو “ مسفر بن عبد الله بن شائق آل شائق “ مع حفظ الألقاب فهو صاحب السلوم العالية والشيم الأصيلة .. الأب ( مسفر ) والإبن ( عبد الله ) كلاهما فرح بالآخر .. الله سبحانه المعطي .. رزق الأب بإبن أحبه في وقته .. والإبن فرح بأن أبيه هو ( مسفر ) … وفي الأسفار قمر هل في ليلة بدر … وحوله شموس وضاءة رعته ورعاها وإستظل بظلها سنيناً … ليأتي ( عبد الله ) ويكمل عقد الشعاع الزهري بقوس شامخ النظرة يحيط بهم فيبعث الفرحة على كل مبسم.
أعرف ( مسفر ) لأنه خالي العزيز الذي تنقلت معه حيناً من الزمن .. من الشرقية الى الرياض الى حواله وحتى وصلنا امريكا .. هو أحلى النفوس و أصدق المشاعر ونديم الأوقات السعيدة .. هو “ النابغة الذبياني “ في جميل القصص والشعر والتاريخ .. هو بين “ جرير والفرزدق “ عندما يفرد غضبه اللين في هجاءه الرقيق .. هو “ إمرؤ القيس “ في ترحاله بين الجبل والوادي ويتبع ضراوة الصيد في كل النواحي .. هو في الشعر “ مهلهلاً “ تراه مترجلاً بين السراة وتهامه كأنه يبحث عن “ كليب “ ليتصالح مع “ جساس “ … وفي الكرم و الحزم هو أوفى من “ السمؤال “ ففيه البيان والبلاغة العربية … يحب أرض الجنوب وتنازل عن أشياء كانت مغرية له في زمانه .. فضل أن يكون في أحضان الجبال وفي أعاليها .. يستذكر دائماً فيها معلقات قيلت في تلك الديار ذات العبق التاريخي الأصيل.
ومع كل ذلك لا غريب أن نرى هذه القصيدة المطولة التالية التي تحمل عنوان “ وصية للولد “ وهي نتاج فرحة وتجارب عاصرها ( أبو عبد الله ) في حياته .. هي فصل القول لكل أب إن أراد أن ينصح إبنه .. هي معلقة إنسانية تصلح لكل زمان .. وهي قيمة فنية في اللهجة ومرجع وتجديد للشعر في الجنوب .. بعيداً عن التكرار المقيد عادة والذي أصبح مبتعداً عن التطوير .. لكن “ وصية الولد “ هي كتابة شعرية جديدة .. قراءة ممتعة.